لا تجتمع النزاهةُ مع القمع، فأينما كان الاستبدادُ كان الفساد، وإن الدولَ الشمولية فاسدةٌ بطبعها..
فسادٌ فلكيٌ يتخفّى وراء مئاتِ العناوين، ولم تسلم منه حتى مشاريعُ الإغاثة الانسانية..
أبوابُ دولة النهب لا يخرج منها إلا من أدمن على سرقة المال العام..وبالأمس القريب كان حجمُ الفساد المالي في مملكة النهب قد فاق كلَ مقاييس العالم حيث بلغ ثلاثةَ تريليون ريال أي ما يعادلُ 800 مليارِ دولارٍ فقط..
ومن أجل إسدالِ ستارٍ قانوني على النهب بات له هيئةٌ تكافحه ويرعاها من فوقها من هم أولى بالمحاسبة والمعاقبة. فمنذ نشأتها وحتى اليوم تحوّلت الهيئةُ الوطنية لمكافحة الفساد مجّرد عدّادٍ يُحصي المخالفات ولكنْ دون حلِّها أو حتى إبلاغِ الرأي العام بما يتوصّل من نتائج..
في تقريرها الأخير الذي يغطي السنة المالية لعام 1434/1435 للهجرة كشفت الهيئةُ أن 789 مشروعاً حكومياً متعثراً من أصل 1018 وقفت عليها أي ما يعادلُ ثلاثة أرباع المشاريع هي في عداد المتعثرة، ما يعني أن الفساد الماليَ والاداريَ في مشاريع الدولة قد تجاوز المعدّلاتِ القياسية ولا من حسيب أو رقيب.
والسؤالُ اليوم لا يدور حول إساءة استخدام السلطة أو المال العام، أو حتى الإختلاس والتزوير والرشوة، فقد أصبحت هذه من متطلباتِ العمل الحكومي، وإنما السؤال هو لماذا ينتظر المحرومون إنصافاً من اللصوص، وهم يعلمون أن الهيئة مجرد شاهدَ زور وأن الدولة غطاءٌ لفريق من الفاسدين الذي يأخذون مالَ الله دولا وعبادَه خولا..