في ذكرى وعد بلفور المشؤوم.. مصر و”إسرائيل” تعزلان غزة

فلسطين المحتلة / التقرير – تزامنت الذكرى  الـ97 لـ”وعد بلفور” المشئوم، الذي أعطى وطنًا قوميًا لليهود في فلسطين، على حساب سكانها الأصليين، مع واقع فلسطيني مرير تحياه الأراضي الفلسطينية، خاصة في غزةـ التي تعاني الحصار وآثار العدوان الإسرائيلي الأخير، في ظل تأخير عملية الإعمار.

view_1351840357

وعد بلفور

ففي مخيمات اللجوء والشتات، يعاني الفلسطينيون من الزج بهم في أتون الخلافات الداخلية، الأمر الذي أودى بحياة الآلاف، وتشريد عشرات الآلاف، وموت المئات من المهاجرين الهاربين غرقًا في البحار؛ بل وصل الأمر إلى موت البعض جوعًا في القرن الواحد والعشرين.

وفي القدس، هناك التهجير والتهويد والتضييق، الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي،  كما يعاني الفلسطينيون في الضفة ضغطًا مزدوجًا، واحتلالًا يواصل قتله واعتقاله، ومصادرته للأراضي، وتضييقًا في الحياة، وتنسيقًا أمنيًا ينغص على الناس عيشهم، ويتعاون مع الاحتلال في قمعهم وملاحقتهم في حياتهم ورزقهم .

أما في غزة المسكونة بالألم والجراح، يعاني أهلها الحصار الذي يشارك فيه القريب والبعيد، ويقوده العدو الإسرائيلي في محاولة لتركيع المقاومة واستئصالها، بعدما مارس كل أنواع الجرائم البشعة بحق الفلسطينيين، من قتل وتشريد وتدمير وتجويع، ولعل العدوان الأخير أبلغ شاهد على حجم الجريمة الإسرائيلية.

ألم الذكرى ومرارة الواقع

وجاءت هذه الذكرى الأليمة على الشعب الفلسطيني، مع مواصلة السلطات المصرية إغلاق معبر رفح البري، أقصى جنوب قطاع غزة، لليوم العاشر على التوالي، الأمر الذي زاد من معاناة المواطنين وتعطل مصالحهم، فضلًا عن توقف كثير من مشاريع الإسكان، والبنى التحتية المدعومة من قطر.

unnamed-1

وأغلقت مصر المعبر “لدواعٍ أمنية”، عقب التفجير الذي أوقع أكثر من 50 جنديًا مصريًا، بين قتيل وجريح، بدأ على إثرها الجيش المصري خطة عسكرية واسعة، لهدم البيوت المحاذية لحدود غزة، وخلق منطقة عازلة بعمق 300 -500م.

وفي موازاة الإغلاق المصري للمنفذ الوحيد لسكان غزة، أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عن إغلاق معبر “كرم أبو سالم“، شرق رفح، متذرعة بإطلاق قذيفة صاروخية من القطاع باتجاه المستوطنات المحاذية لقطاع غزة الجمعة.

ويعتبر كرم أبو سالم،  المعبر التجاري الوحيد التي تتحكم فيه قوات الاحتلال، ومن المقرر أن تدخل عبره مواد الإعمار، لإعادة بناء وترميم ما دمره العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.

الناطق باسم الداخلية الفلسطينية في غزة، إياد البزم، أوضح أن عدد أيام إغلاق معبر رفح مع مصر منذ بداية العام تجاوز (190 يومًا)، في ظل وجود آلاف الحالات الإنسانية من المرضى والطلبة وأصحاب الإقامات والجوازات الأجنبية، بحاجة ماسة للسفر.

ودعا البزم السلطات المصرية لسرعة فتح المعبر، وتقدير حجم المعاناة والكارثة، التي يعيشها شعبنا، جراء استمرار إغلاق المعبر.

واعتادت السلطات المصرية، منذ انقلاب 3 يوليو على الرئيس محمد مرسي العام الماضي، على فتح المعبر استثنائيًا ولأيام معدودة وفقط لسفر حالات خاصة، بحيث لا يتجاوز عدد المسافرين يوميًا، 400 مسافر، أي أقل من نصف عدد المسافرين في الحالات الطبيعية.

ويمنع الأمن المصري سفر الكثير بحجج أمنية، خاصة إذا ارتبط اسمه بحركة المقاومة الإسلامية (حماس).

ورغم حديث عضو القيادة السياسية لحماس، موسى أبو مرزوق، عن تحسن في العلاقة مع مصر؛ إلا أن تحريض الإعلام المتواصل على حماس، ودعوات دك معاقلها في غزة، يضفي حالة من الضبابية على علاقة الطرفين.

أبو مرزوق، وصف العلاقة مع مصر في الوقت الراهن بأنها: “الآن أفضل كثيرًا مما سبق، وفي طريقها للتحسن، وسنشهد خلال الفترة المقبلة مؤشرات على صعيد التحسن”.

وشدد القيادي بحماس، على أن “أمن سيناء مصلحة فلسطينية 100%؛ لأنه لا يوجد منفذ آخر لقطاع غزة سوى مصر؛ وبالتالي، فإنه عندما تكون سيناء مضطربة أو غير آمنة، فأول المتضررين من ذلك هم الغزاويون”.

وأشار إلى أنه “حتى هذه اللحظة، لم يتم القبض على فلسطيني واحد، في ظل الحديث عن عدد هائل من الاتهامات، وأنه لا يوجد معتقل فلسطيني واحد من قطاع غزة موجود في مصر”.

تفاقم أزمات غزة

وتسبب إغلاق معبر رفح؛ في توقف توافد الوفود الطبية والإنسانية المتضامنة مع غزة، ومقارنة بالوفود التي زارت غزة خلال فترة ما قبل الانقلاب، وما أعقبه من إجراءات عقابية بحق غزة، لا تكاد تذكر أعداد الوفود الحالية.

وذكر رئيس اللجنة الحكومية لكسر الحصار، واستقبال الوفود، علاء الدين البطة، أن “عدد الوفود التي دخلت القطاع بعد العدوان الإسرائيلي، وحتى يومنا هذا، 13 وفدًا فقط، تضم 127 شخصًا، فيما تمكن 14 وفدًا من دخول القطاع خلال الحرب، وتضم 104 متضامنين”.

في حين كان “متوسط عدد الوفود التي كانت تدخل يوميًا إلى غزة عن طريق معبر رفح، أثناء الحربين السابقتين عام 2008 و 2012، كان 15 وفدًا، أما الآن فطوال فترة الحرب التي امتدت 51 يومًا لم يدخل القطاع؛ إلا أربعة عشر وفدًا فقط”، حسب البطة.

وقال إن “معبر رفح البري كان شبه مغلق طيلة الأيام الماضية، ما أدى إلى قلة عدد الوفود التي تمكنت من دخول غزة”.

وبيّن رئيس اللجنة الحكومية لكسر الحصار، أن “عشرات الوفود، التي كانت تصل الأراضي المصرية تمهيدًا لزيارة قطاع غزة، تم إعادتها إلى بلدانها من قبل السلطات المصرية”، مشيرًا إلى أن “ممثلي هذه الوفود، كانوا يجرون اتصالات عدة، من أجل الضغط على مصر للسماح لهم بزيارة غزة دون فائدة”.

وفي السياق، توقفت مشاريع الإسكان والبنى التحتية المدعومة من قطر، بإغلاق معبر رفح ، حيث كانت مواد البناء والتشغيل الخاصة بهذه المشاريع، تدخل عبر المعبر، وفق اتفاق مسبق مع مصر في عهد مرسي.

وقال المدير الفني للجنة القطرية لإعمار غزة، أحمد أبو راس، إن: “كلفة المشاريع المتوقفة تصل إلى 155 مليون دولار، إضافة لمدينة الشيخ حمد السكنية، التي تبلغ كلفتها 205 ملايين دولار”.

و رفضت اللجنة القطرية، عرضًا مصريًا تم التوافق عليه مع السلطة الفلسطينية لإدخال مواد البناء الخاصة بعمل اللجنة عبر معبر “العوجا” التجاري مع قطاع غزة، الذي تشرف عليه سلطات الاحتلال.

وبرر أبو راس الرفض بأن “إدخال مواد الإعمار عن طريق معبر “العوجا” سيزيد من التكلفة والعبء المالي على اللجنة، وكذلك سيعطي سلطة للاحتلال على مواد البناء التي ستدخل”.

وبإغلاق معبر “كرم أبو سالم”، الذي يتحكم فيه الاحتلال الإسرائيلي، بدأت تلوح في الأفق أزمة غاز الطهي، فضلًا عن بضائع تجارية ومساعدات إنسانية، منع الاحتلال دخولها، الأمر الذي يفاقم معاناة أهالي قطاع غزة.

من جهته، حذر عضو القيادة السياسية لحماس، محمود الزهار، من مما وصفها بالحجج الإسرائيلية، من أجل تثبيت الحصار.

وقال الزهار، خلال لقاء ثقافي عقد اليوم في جامعة الأقصى بمدينة غزة: “إسرائيل تحاول وضع الحجج، لتثبيت الحصار، وهذه قصص لا تنطلي علينا”، مشددًا “إذا لم يرفع الحصار عن غزة، فإننا غير ملتزمين بما تم الاتفاق عليه”.

 وكان مواطنون متضررون من العدوان الإسرائيلي الأخير، نظموا فعاليات احتجاجية أمام مقرات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين(أونروا)، طالبوا فيها بتعجيل البناء والإعمار، مع قرب فصل الشتاء، وما فيه من أمطار ومنخفضات، تفاقم معاناتهم.

إلى ذلك، طالبت الفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركة حماس، المجتمع الدولي، وخاصة بريطانيا المسؤولة عن وعد بلفور، التكفير عن “خطيئتهم بإنهاء الاحتلال، ووقف دعم العدو الصهيوني، وإجباره على الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني”.

وأجمعت الفصائل، في بيانات منفصلة في ذكرى وعد بلفور، على ضرورة: “وقف الحصار الظالم عن غزة، ومحاكمة قادة الاحتلال على جرائمهم ضد شعبنا”.

وطالبت بتمكين الجهات المانحة من تنفيذ عملية إعمار غزة، بأقصى سرعة، وفتح المعابر، وخاصة معبر رفح.

ودعت الفصائل الفلسطينية، جماهير الشعب الفلسطيني في قطاع غزّة والضفة والقدس والأراضي المحتلة عام 48، إلى “مواصلة صمودهم وثباتهم وتحدّيهم للاحتلال ومخططاته، كما توجهت بالدعوة إلى الأمة العربية والإسلامية لحشد الطاقات نصرة وتضامنًا مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة”.

*محمد الشريف