عاشوراء التاريخ تجدد نفسها في الحاضر، وتحيا كربلاء في ذاكرة أهلها نهجَ حياة..فلم تعد مجرد طقس لافراغ الحزن على أكبر جريمة في تاريخ أهل القبلة، أو بركان عاطفة يتفجّر كل عام على مقتل حفيد خاتم النبيين وأهل بيته وأصحابه على أيدي أشرار العرب..
كربلاء تحضر كظاهرة اعتراضية على القهر السياسي والاجتماعي، وترسم لتيار المحرومين في هذه الأرض خارطة طريق الى الحرية من كل أشكال الاستعباد السياسي والاقتصادي والإجتماعي..
لم تكن عاشوراء حدثاً في التاريخ بل كانت حديثاً له، ورسالة منه كتبت بدماء صفوة النبلاء في الأمة الى من جاء بعدهم الى قيام الساعة..
لم تدم المواجهة بين المعسكرين نصف نهار، ولكنّها رسمت مسار المواجهة الحتمية بين الحق والباطل حتى نهاية التاريخ..
وفي كربلاء سقطت المقولات المؤسسة للاستبداد، وانتصر الدم على السيف..
وفي كربلاء أيضاً تجابه الأحرار مع السلطان فكانوا أمام خيارين: الموت أو الخنوع، فاختاروا الموت بكرامة..
في العاشر من محرم الحرام سنة واحد وستين للهجرة انطلقت الثورة المفتوحة على الجور، فالتحق بها طلاّب الحرية في أرجاء العالم..
عاشوراء ليست لطائفة ولا لأمة أو دين بل هي للإنسان ومن أجله، لأن الحسيّن عليه السلام مثّل رمز الحرية كما مثّل يزيّد رمز الاستبداد..والحرية تنتصر دائماً..وقد انتصر الحسين وهزم خصومه ونالوا وصمة عار أبدية..