السعودية / واشنطن بوست – هناك مقياس موثوق لقياس مستوى شعور المملكة العربية السعودية بالراحة سياسيًا، وهو مدى سرعة استجابة البلاد للأخبار الصعبة. عندما يشعر النظام الملكي الحاكم هناك بأنه في مأمن، من الممكن أن يكون الانتظار طويلًا للحصول منه على بيان رسمي حول الأحداث.
ولكن، يوم الأربعاء، كان المسؤولون السعوديون سريعين على غير العادة في إعطاء التفاصيل، بعد أن اجتاحت النيران خط أنابيب لوقود الديزل، تملكه شركة النفط العملاقة أرامكو.
وكان الرد الرسمي يحمل الرسالة التالية: “سبب الحريق كان حدوث تسرب، وليس تخريبًا إرهابيًا”. ولكن، المعنى الضمني لا يزال واضحًا، وهو أن المملكة العربية السعودية تجلس على الحافة هذه الأيام.
يوم الاثنين، قتل مسلحون ثمانية أشخاص على الأقل في هجوم على الأقلية الشيعية في المملكة العربية السعودية، التي نظمت الاحتجاجات لسنوات سعيًا للحصول على حقوق أكبر.
وفي اليوم التالي، قتل اثنان من رجال الأمن في تبادل لإطلاق النار مع المشتبه بهم. والهجوم، كما زعم المتحدث باسم وزارة الداخلية، اللواء منصور التركي، تم التدبير له من قبل سعودي، أمضى بعض الوقت مع “الإرهابيين” خارج المملكة.
وقد ذهبت وسائل الإعلام السعودية إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث ذكرت تقارير أن المشتبه به كان في العراق وسوريا، مقترحةً أنه على صلة بـ”الدولة الإسلامية”. وفي حين قد يشترك المتشددون ببعض الآراء المحافظة جدًا مع الوهابية السعودية؛ إلا أنهم ينظرون لحكام المملكة، من خلال علاقاتهم الوثيقة مع الغرب.
وهناك أكثر من 20 مشتبهًا بهم في الحجز بما يتعلق بالهجوم على الشيعة، ومن بينهم اثنان من رجال الشرطة. كما قتل ثلاثة آخرون من المتآمرين المزعومين خلال المطاردات التي استمرت يوم الجمعة.
وقال بيان صادر عن 50 شخصية دينية وسياسية سعودية بارزة، في وقت سابق هذا الأسبوع، إن “الأيديولوجية الشيطانية الخبيثة، هي من وجهت المهاجمين”.
وعدم الارتياح السعودي الحالي، يصل حتى إلى أماكن أبعد. وفي نواح كثيرة، هذه الأماكن هي الأماكن التي تتعرض لحملة مكثفة من إراقة الدماء وسياسة حافة الهاوية في سوريا والعراق وما وراءهما. مختلف الجهات والمصالح، بما في ذلك الجهاديون والغرب وإيران ووكلائها، تتقاطع في بعض النواحي مع المملكة العربية السعودية.
وقد نددت المملكة العربية السعودية بـ”الدولة الإسلامية” وتنظيم القاعدة في سوريا، بقيادة جبهة النصرة. ولكن، يعتقد بأن بعض الجماعات السعودية الخاصة، وجماعات أخرى موجودة في دول الخليج، هي مصدر تمويل ثابت، بالنسبة لفصائل مثل جبهة النصرة.
وفي العلن، يدين المسؤولون السعوديون مثل هذه المساعدات الشعبية، ولكن الجهد الجدي لوقفها قليل، وهناك عدد قليل من الأشياء التي تتواجد في مراتب أعلى على قائمة أولويات المملكة العربية السعودية، من أولوية إسقاط حكومة الرئيس السوري بشار الأسد. التخلص من الأسد، وهو حليف رئيس لإيران، سيمنح المملكة العربية السعودية والدول السنية الأخرى فرصة لتوسيع نفوذهم. وفي الوقت نفسه، سيكون بمثابة صفعة في وجه القوة الشيعية، إيران، والتي تعد المنافس الإقليمي الرئيس للمملكة.
وهنا تبدو الأمور متشابكة قليلًا، حيث أن إيران هي المنافس الرئيس لـ”الدولة الإسلامية”، والأخيرة تعتبر الإسلام الشيعي نوعًا من الهرطقة. وفي العراق، انضمت الميليشيات الشيعية الحليفة لإيران إلى المعركة ضد “الدولة الإسلامية”.
ولا يعارض المسؤولون الأمريكيون بقوة وجود المقاتلين المدعومين من إيران ضمن مزيج القوى، الذي تسعى واشنطن من خلاله وضع استراتيجيات فعالة، لإلحاق الهزيمة بـ”الدولة الإسلامية”. حتى أن الرئيس أوباما، تواصل بشكل نادر مع المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، من خلال إرسال رسالة إليه، تؤكد معارضة الدولتين المشتركة لـ”الدولة الإسلامية”.
ومن الصعب على المملكة العربية السعودية، ابتلاع كل هذا. حيث أن القادة السعوديين، وهم حلفاء الولايات المتحدة، اعتادوا دائمًا على أن الحرب الباردة بين واشنطن وإيران، هي واحدة من الثوابت الكبيرة في الشؤون الإقليمية، كما شعرت المملكة العربية السعودية أيضًا، نفس الشعور تجاه انهيار نظام الرئيس المصري السابق، حسني مبارك. وكان الدرس هنا أن التحالف مع واشنطن، لا يشكل ضمانة للبقاء.
وحتى سوق النفط الأمريكي، لم يعد أمرًا مضمونًا بالنسبة للمملكة، حيث أن ارتفاع إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة، يعد أمرًا مربكًا بالنسبة لأعضاء أوبك.
وبسبب كل هذا، تبحث المملكة العربية السعودية الآن عن خطط بديلة، ويبدو أنها على استعداد للسماح بتراجع أسعار النفط، في محاولة لاستعادة حصتها في السوق الأمريكية.
وفي الوقت نفسه، قادة الأجهزة الأمنية السعودية يقودون الآن مناقشات مع دول الخليج الأخرى ومصر، بشأن احتمال نشر قوة عسكرية مشتركة (نسخة الشرق الأوسط من منظمة حلف شمال الأطلسي) للتدخل في المنطقة ضد المتطرفين، وكعرض للقوة ضد إيران.
*براين مورفي
المقالة تعبر عن رأي الصحيفة / الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها / ترجمة التقرير
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.