السعودية / كوارتز – منذ قرن ونصف من الزمن، نفى جون د. روكفلر بسخط سعيه إلى سحق منافسيه. ومع ذلك، ومن خلال شركته ستاندرد أويل، طرد معظم منافسيه من السوق في نهاية الأمر، وانتهى به المطاف مسيطرًا على 90٪ من سوق النفط الأمريكي.
وفي أحدث إصدار من روكفلر، خرج وزير النفط السعودي، علي النعيمي، في الأمس، نافيًا أن بلاده في حرب أسعار مع المنافسين. ولكن، وبما أن سعر خام برنت القياسي مستمر في الغرق لعدة أشهر، ووصل الآن إلى ما تحت 80 دولارًا للبرميل، فإننا لا يسعنا سوى أن نتذكر روكفلر!
ورغم أنه من الصحيح أن التسعير العدواني لا يحدث في فراغ، إلا أن هذا لا يغير من النتائج كثيرًا. حرب الأسعار قائمة بعنف اليوم. وقد انخفضت أسعار النفط إلى ما دون 100 دولار للبرميل في سبتمبر، و90 دولارًا في أكتوبر، ومن ثم، إلى ما دون 80 دولارًا اليوم:
وقد قال النعيمي متحدثًا في مؤتمر في أكابولكو: “الحديث عن حرب الأسعار هو علامة على سوء الفهم المتعمد، ولا أساس له في الواقع. أرامكو السعودية تسعر النفط وفقًا لإجراءات التسويق السليمة، لا أكثر، ولا أقل. وهذا يأخذ بعين الاعتبار مجموعة من العوامل العلمية والعملية، بما في ذلك حالة السوق”.
ومع ذلك، وفي حين أن التصميم على الاستمرار في الهيمنة على السوق قد يكون الدافع الأساسي، السعوديون هم أيضاً من الجهات السياسية والاقتصادية الفاعلة، وهم يفهمون أبعاد سيطرتهم على أكبر إنتاج عالمي للنفط يوميًا، ولذلك فهم يتبعون سياسة “التعرق” اليوم.
فهم هذه السياسة لن يكون صعبًا على أي شخص يمارس الرياضة، حيث إن إحدى خصائص عملية “التعرق” هي أنها لا تبدأ على الفور، بل بعد فترة من ممارسة نشاط جسدي، مثل الركض أو القفز على الحبل.
وقد كان هذا هو الحال مع سياسة روكفلر المالية التي اتبعت مبدأ “أسعار التعرق”، والتي تستند على الضغط باستمرار ولفترة طويلة قبل إصابة الهدف. ويقول خبراء مطلعون على الاستراتيجية السعودية إن الرياض اليوم مستعدة أيضًا لاتباع هذه السياسة من خلال التسعير العدواني لمدة سنتين إلى خمس سنوات.
ولكن، وإذا كانت السعودية تتبع “سياسة التعرق” هذه في الواقع، فما هو الهدف؟
الهدف هو إيران، وروسيا، وعمليات التكسير في الولايات المتحدة. ومرة أخرى، وللسجل، نفي النعيمي مثل هذه النوايا. وقال: “نحن لا نسعى لتسييس النفط”. وأضاف: “بالنسبة لنا، إنها مسألة العرض والطلب، إنها مسألة تجارية نقية”.
السعودية، كأمة ذات أغلبية سنية، هي على خلاف مع إيران ذات الأغلبية الشيعية، ولديها سخط من فكرة أن طهران قد تحصل على سلاح نووي. وأما روسيا، فهي تدعم زعيم آخر خصم للسعوديين، وهو الرئيس السوري بشار الأسد.
وأخيرًا، السبب الرئيس لاتخاذ السوق السعودية هذه الإجراءات هو الارتفاع الكبير في إنتاج الصخر الزيتي في الولايات المتحدة. ففي تقرير صدر مؤخرًا، قالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إن انخفاض الأسعار سيؤدي إلى وقف بعض عمليات الحفر في الولايات المتحدة، وهذا يعني أن صناعة النفط في الولايات المتحدة لن تشهد تعافيًا من عملية “التعرق” لبعض الوقت.
المقالة تعبر عن رأي الصحيفة / الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.