عضو الهيئة القيادية في حركة “خلاص”د. فؤاد إبراهيم لموقع “نبأ”: “ابن سلمان-نتنياهو” رقص على الحبال وفرملة لاندفاعة جو بايدن نحو المنطقة

حوار: سناء إبراهيم

 

 

في ما يشبه حرباً سياسية باردة تتراقص السلطات السعودية على حبال التطبيع والأزمات المفتعلة في المنطقة، أزمات تتسع رقعة تمددها أو يجري كبحها وفق ما تقتضيه طبيعة العلاقات بين الرياض وواشنطن. عضو الهيئة القيادية في حركة “خلاص” الدكتور فؤاد إبراهيم، يتحدث لموقع “نبأ” عن مسارات التطبيع وتوقيع اتفاقات العار، ويبرز كيفية ارتباط المبادرات السعودية المزعومة “للسلام” بتقديم خدمات للراعي الأميركي ومواجهة إيران ومحور المقاومة، ويعرج على مستقبل العلاقات بين الرياض وواشنطن في عهد الرئيس المنتخب جو بايدن.(1/2)

 

 

– بداية من اتفاقات التطبيع مع كيان الاحتلال “الإسرائيلي”، برأيكم كم سبّب اجتماع نيوم من حرج بالنسبة للسعودية؟ وماذا عن حقيقة الاجتماع؟

رغم النفي السعودي للاجتماع الثلاثي في مدينة نيوم على البحر الأحمر، إلا أن الاجتماع جرى بالفعل وكان حقيقياً وواقعياً بين كل من ولي العهد محمد بن سلمان ورئيس وزراء الاحتلال الصهيوني بنيامين نتنياهو وبحضور وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو. النفي السعودي لا يغير من حقيقة أن اللقاء قد تم، لأن معطيات أخرى تؤكد ذلك، ونتنياهو نفسه لم ينفِ اللقاء. ولا أعتقد أن لقاء نيوم سبَّب حرجاً للسعودية، رغم أن هناك من يستخدم هذه القصة لتبرير لهجة التصعيد في “مؤتمر المنامة” من قبل رئيس الاستخبارات الأسبق تركي الفيصل وبعده موقف مجلس الوزراء.

 

-تصريحات تركي الفيصل جاءت على غير الخط الرسمي للتطبيع، لماذا هذا الخطاب وهل ما جرى هو مسرحية مفبركة كما تحدث عنها الإعلام؟

تصريحات تركي الفيصل لا علاقة لها بما يشاع حول الموقف السعودي المبدئي من القضية الفلسطينية أو دعمها. هذه التصريحات يمكن تفسيرها في سياق التجاذب السعودي الأميركي، فالسعودية دائما كانت تستخدم القضية الفلسطينية كورقة ابتزاز وتجاذب مع الولايات المتحدة، ولاحظنا ذلك بعد الثورة الإسلامية في إيران، التي دفعت ولي العهد آنذاك فهد بن عبدالعزيز (أصبح الملك لاحقا)، لأن يقدم “مبادرة سلام” عام 1981، وكانت لأول مرة تنطوي على اعتراف جماعي بالكيان “الإسرائيلي”، حينها، كان القلق من إيران والثورة الإسلامية سبب المبادرة التي أريد منها أن تكون ثمناً لتعزيز الحماية الأميركية للعرش السعودي في المنطقة.

وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، ولي العهد حينها عبدالله بن عبدالعزيز (أصبح الملك لاحقا)، قدم مبادرة “سلام” مع الكيان وكانت بمثابة تطوير للمبادرة الأولى. والآن كانت “صفقة القرن”، التي أوكلت لمحمد بن سلمان وكان يراد منها إلغاء القضية الفلسطينية والقدس وحق العودة وتسوية قضية اللاجئين، وكان الثمن تعزيز أو تشجيع ابن سلمان أو ضمان وصول ابن سلمان إلى العرش.

 

-ولكن ما الربط بين المبادرات المذكورة ولهجة الفيصل التصعيدية؟

في أبريل 2018، وقبيل قمة الظهران، كانت هناك ضربة أميركية فرنسية بريطانية على سوريا، وكان يراد منها أن تكون تعويضاً عن الحرب التي ألغاها الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في أكتوبر 2013 على خلفية الكيماوي في الغوطة الشرقية في سوريا، وحينها، كان هناك رهان “سعودي إسرائيلي” على أن تكون الضربة التي يقودها دونالد ترامب(2018) تعويضا وتكون ضربة قاصمة لسوريا ولمحور إيران في المنطقة، ولذا، كتب في جريدة “الرياض” في اليوم عينه، أن القمة العربية في الظهران ستكون “قمة السلام مع إسرائيل” وإعلان العداء لإيران، ولكن حينما جاءت الضربة متواضعة بـ105 صواريخ استهدفت مراكز قيل إنها لتصنيع الكيماوي في دمشق وحمص، لم تُرضِ السعودية وحلفاءها، فعمد النظام إلى تغيير عنوان القمة، وبدلاً من أن تكون “قمة السلام مع إسرائيل” أصبحت “قمة القدس”، وكأنما بعث الملك سلمان رسالة إلى ترامب، مفادها “أن ما طلبناه لم يتحقق لذا لسنا مستعدين لأن نقدم لكم ثمنا”.

اليوم اللهجة التصعيدية هي رسالة لجو بايدن بأن الاندفاعة نحو التفاوض مع إيران، يقابلها عدم سير النظام السعودي في مسار التطبيع. ولكن، هناك اتفاق مبدئي بين ابن سلمان ونتنياهو على عرقلة جو بايدن وفرملة اندفاعته نحو المنطقة، وبايدن يسعى لإحياء الاتفاق النووي وإغلاق ملف الحرب في اليمن ومحاسبة السعودية على قتل جمال خاشقجي وسجل حقوق الإنسان وغيرها، إضافة إلى إغلاق ملف الأزمة الخليجية، وهناك أجندة لدى الرئيس الأميركي وهناك إعلان من قبل بايدن على إعادة مراجعة طبيعة العلاقات السعودية الأميركية.

 

-المغرب انضمت سريعا إلى اتفاقات السلام، وتباهت تل أبيب بانجازاتها قبل نهاية العام، ولكن السؤال دائماً عن المحرك الأساسي في الاتفاقيات، خاصة وأن اسم السعودية يحضر في أي اتفاق بين دولة عربية أو إسلامية مع الكيان. السؤال الأساس متى يحين دور السعودية، وبرأيكم هل يملك الجرأة ابن سلمان للمضي في هذا الاتفاق؟

إشهار العلاقات  بين “السعودية وكيان الاحتلال الإسرائيلي” وتوقيع اتفاق العار يرتبط بأداء إدارة جو بايدن، بعد تسلمه. السعودية تحاول أن تدفع كل حلفائها القريبين، وقبل أيام دفعت المغرب نحو التطبيع، وقد تدفع المقربين منها للقيام بهذه الخطوة، أملاً منها أن يتكاثر المطعبون مع الكيان “الإسرائيلي” وبالتالي تصل إلى نهاية المطاف الذي يصبح تطبيعها أمراً واقعا. لاشك أن السعودية سوف تنتظر أداء بايدن في ملفات المنطقة وعلى رأسها الملف النووي، كونها متوجسة من عودة الولايات المتحدة إلى الملف النووي ومتوجسة من وعود بايدن ووعيده، ولن تقدم على التطبيع إلا بعد تسلم بايدن الرئاسة وبدء التحرك باتجاه ملفات المنطقة وعلى رأسها النووي لترى ما إن كانت واشنطن ذاهبة باتجاه ممارسة ضغوطات واستئناف مرحلة ترامب، أم أنها لا تقارب الملف بالطريقة القديمة، بحيث تريح إيران من العقوبات وتعود إلى الاتفاق النووي كما كان. بعد اتضاح الرؤية لديها، يمكن أن تقرر إعلان التطبيع، ولكن قبل ذلك، لا أعتقد أن هناك نية لدى السعودية بإعلان ذلك.

لماذا يأتي الإعلان عن اللقاءات المرتبطة بالتطبيع من قبل الاعلام العبري؟

الإعلام العبري دائما يبادر للإعلان عن أي لقاءات ترتبط بالتطبيع  لأنه يستعجل تطبيع الكيان “الاسرائيلي” والتعجيل لجعله كياناً طبيعياً في المنطقة، نبذته المنطقة على مدى عقود طويلة، بالتالي الكيان “الاسرائيلي” هو الذي يبادر، والسعودي يشعر بأنه محرج كون البيئة العامة تنفر وتعارض أي تدابير تطبيعية مع الاحتلال.

 

-برأيكم، كيف ستكون علاقة الإدارة الأميركية الجديدة مع السعودية؟ هل سيكون هنالك اختلاف ورفع للغطاء عن جرائم محمد بن سلمان داخليا وخارجيا أو محاسبة؟ وهل ستكون الصفقات والمال سلاح شراء الذمم مجددا؟

الرؤوساء الأميركيون كانوا دائما يطلقون شعارات، وحين يصبحون رؤوساء تتبدل هذه الشعارات ويصبحون أكثر واقعية، وبالتالي، ما بين المصلحة والقيم دائما تتفوق المصالح. رغم أنهم يقولون إنهم سوف ينتصرون للقيم الليبرالية التي يتبنوها. ولكن، هناك صفقات بعشرات إن لم يكن بمئات مليارات الدولارات بين الولايات المتحدة الأميركية والسعودية، وجو بايدن لن يغامر بتعريض هذه الصفقات للخطر كونه يمثل مصالح شركات كبرى، شركات السلاح والتكنولوجيا وغيرها. اللهجة التصعيدية للمرشح بايدن لاشك أن مستواها سيخف عندما يتسلم الرئاسة، وبالتالي الشعارات والمطالب التي ينادي بها سيخف مستواها.

 

-ولكن، ألا يوجد فرق بين شخصي دونالد ترامب وجو بايدن يمكن أن ينعكس على التمسك بالالتزمات المطلقة خلال مرحلة الترشح؟

هناك هامش بين جو بايدن ودونالد ترامب، بايدن أطلق شعارات فاصلة في حقوق الإنسان ومحاسبة قتلة جمال خاشقجي، والعدوان على اليمن وقتل المدنيين وهدم البنى التحتية، وهناك التزام أمام العالم بهذه الشعارات، وسوف يحاسب على هذا الموضوع. الفارق بين ترامب وبايدن، أن ترامب متفلت وهو على استعداد لأن يكذب في اليوم مئة ألف كذبة، (قناة cnn  كانت تحصي عدد كذباته السنوبة)، ترامب رجل لايلتزم وتوجهه المصلحة بشكل أساسي، ولكن بايدن هناك هامش لديه للتمسك بالتزاماته أخلاقياً.

 

-أنتم كمعارضة ماذا تقرأون بين سطور تصريحات جو بايدن تجاه السعودية؟

كمعارضة للنظام السعودي نعول على تسلم بايدن و محاسبة السعودية، ولكن بمقدار ما، وبهامش معين، لا ننفي بشكل مطلق ولا نعول بشكل كامل. ولكننا لا نتوقع كثيرا، أي ليس لدينا طموح بأن بايدن سوف يحدث انقلابا في العلاقات السعودية الأميركية، لاحظنا أن بايدن المرشح غير بايدن الرئيس، تماما كما كان الرؤوساء في الولايات المتحدة الأميركية من قبله.