السعودية/ DW عربية- وليد أبو الخير ورائف بدوي وغيرهم، نشطاء سعوديون في مجال حقوق الإنسان وجدوا أنفسهم يواجهون تهما ثقيلة في بلدهم، في وقت تُتهم فيه السعودية بتصعيد الرقابة والتضييق على حرية الأفراد والعمل السياسي.
تزداد الانتقادات الموجهة للسعودية فيما يتعلق بموضوع انتهاكات حقوق الإنسان، مع تنامي نفوذ تنظيم "الدولة الإسلامية" الإرهابي في المنطقة. ويتحدث مهتمون بالشأن الحقوقي في السعودية عن حدوث العديد من الاعتقالات في صفوف مواطنين وناشطين وحقوقيين تتهمهم السلطات السعودية بالعمل مع تنظيم "داعش" أو جماعات متطرفة أخرى. ويرى هؤلاء أن تصاعد التنظيم المتطرف أصبح "حجة" من أجل تبرير التضييق على الحريات الذي تمارسه السلطات السعودية.
اعتقال وتعذيب
وليد أبو الخير محام وناشط حقوقي سعودي، ورئيس مرصد حقوق الإنسان في السعودية وأحد أكثر الشخصيات العربية حضورا على تويتر، حسب تصنيف مجلة فوربس. اعتقلته السلطات السعودية في أبريل نيسان الماضي ونشرت تقارير صحفية أنه أول ناشط يحاكم ب"نظام جرائم الإرهاب وتمويله". سمر بدوي زوجة وليد تقول في حديث لـ DWعربية إن زوجها الآن يقبع منذ السنة الماضية في سجن الملز بالرياض. وتمت متابعته بعدة تهم من بينها التواصل مع منظمات أجنبية، إنشاء جمعيتين غير مرخص لهما، والسعي لنزع الولاية الشرعية، الإساءة للنظام العام في الدولة والمسؤولين فيها وتشويه سمعة المملكة. هذه التهم وصفتها منظمة هيومن رايتس ووتش بالمبهمة والفضفاضة وبأنها نابعة فقط من نشاطه السلمي، بما في ذلك تصريحاته لوسائل الإعلام وتغرديات على موقع تويتر، انتقد فيها انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية. وقالت المنظمة الدولية إن المحاكم السعودية أصدرت سلسلة من الأحكام القاسية بحق نشطاء حقوقيين في الآونة الأخيرة، بالتزامن مع سعي الحكومة لإسكات منتقديها داخل المملكة.
سمر تقول إن زوجها تعرض لسوء معاملة على الصعيد النفسي والجسدي، إذ تم تعذيبه وضربه بشدة إلى أن فقد وعيه وقبلها تعرض للتعذيب النفسي في بداية اعتقاله بسجن الحائر، حيث وضع في زنزانة منفردة وسلطت عليه أضواء قوية.
ويعلق حسن أبو هنية، الخبير الأردني في قضايا الإرهاب، على حالة وليد قائلا "هو ناشط في مجال حقوق الإنسان وله تواصل مع منظمات دولية تنشط في هذا المجال، وليس لديه أي سلوك ديني سلفي جهادي ومع ذلك اعتقل وهو في السجن منذ مدة طويلة ويحاكم بتهم ثقيلة بسبب نشاطه السلمي".
"داعش أصبحت حجة لقمع الناشطين"
ويقول الخبير الأردني في مقابلة أجرتها معه DWعربية "إنه أصبح واضحا أن السعودية تستغل موضوع الجماعات الإرهابية وخصوصا "داعش" لممارسة مزيد من الضغط والتضييق على الناس". ويضيف أبو هنية:"الأكيد أن كل قوانين الإرهاب التي سُنت بعد مرحلة تقوي "داعش"، تم استخدامها للتضييق على العمل السياسي والحريات، مع أننا نعلم بعدم وجود عمل سياسي بمفهومه الحقيقي في هذا البلد، إذ لا توجد أي تعددية سياسية حزبية ولا عمل نقابي واضح، لكن حتى من ينشط في حقوق الإنسان يتم التضييق عليه".
ويركز أبو هنية على تنظيم "داعش" رغم أن السعودية كانت تتابع الكثيرين أيضا داخل أراضيها بتهمة الانتماء لتنظيم القاعدة المتطرف أو حتى تأييده، ويقول في هذا السياق" لاشك أن تصاعد نفوذ "داعش" غير تعامل السعوديين مع موضوع الإرهاب، لأننا نعلم أن تنظيم "الدولة الإسلامية" ليس جديدا، هو ظهر مع أبو مصعب الزرقاوي ومر بمرحلة التحالف مع جبهة النصرة قبل إعلان أبو بكر البغدادي دولة الخلافة". ويعتبر الخبير أنه بعد مرحلة إعلان "دولة الخلافة" زاد حذر السعوديين أكثر وارتفعت وتيرة الإجراءات التي اتخذتها السعودية، كإصدار لائحة للمنظمات الإرهابية ضمت فيها "داعش" وجبهة النصرة، كما أنها تعتقل كل من يتعامل مع "داعش" أو حتى من يبدي تأييده لهذا التنظيم على الإنترنت أو في المساجد أو في أي فضاء آخر. ويشير الخبير الأردني إلى أن هناك 2400 سعودي يقاتلون مع تنظيم "داعش"، بالإضافة إلى متعاطفين معه، لكن السعودية تستغل وجود هذا التنظيم وخطورته لقمع ناشطين آخرين لا علاقة لهم به.
عشرة آلاف معتقل
وكان سفير السعودية لدى الأمم المتحدة في جنيف فيصل طراد قال إن بلاده "التي تفخر بإتباع الدين الإسلامي الحنيف شرعا ومنهاجاً تحرص على حماية وتعزيز حقوق الإنسان في إطاره الشرعي وبما يتوافق والتزاماتها الدولية". وأكد في مداخلة بمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الذي انعقد في جنيف في سبتمبر أيلول الماضي "أنه لا يوجد في المملكة موقوف أو
سجين رأي، وأن أي شخص تم سجنه أو إيقافه يتم وفقا للأنظمة وبلائحة تهم واضحة وطبقاً لنظام إجراءات جزائية تكفل الحقوق لكل المواطنين الذين هم سواسية أمام قضاء مستقل وشفاف وواضح في أحكامه".
ويقول أبو هنية إنه لا توجد هناك أرقام أو معطيات رسمية حول عدد من اعتقلتهم السلطات السعودية، ويضيف أنها اعتقلت مؤخرا عشرات الأشخاص لكن لا توجد محاكمات واضحة لهؤلاء، ويضيف"لا توجد أرقام رسمية لأنه لا توجد تدخلات من منظمات دولية حقوقية بهذا الخصوص رغم أنها تصدر تقارير للتنديد بالاعتقالات والمحاكمات، لكن ما نحن متأكدون منه هو أنه زادت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، وهناك معلومات عن أن عدد المعتقلين وصل إلى 10 آلاف شخص يتابَعون بتهم غير واضحة". وكانت السعودية أعلنت قبل أيام عن اعتقال 135 شخصا في قضايا إرهاب، 109 منهم سعوديون وقالت السلطات إن من بين الموقوفين أشخاصا ضالعين في دعم وتمويل تنظيمات متطرفة.