السعودية / أمريتا سين – لم يأخذ انهيار أسعار النفط، والذي بدأ في أكتوبر 2014، مجراه كاملًا بعد. ولكن ما بات واضحًا بالفعل الآن، هو أن هذا الانهيار سوف ينظر إليه كحدث تاريخي.
لم يشهد السوق قط شيئًا مثل هذا من قبل. وفي حين من الممكن القول بأن انهيار عام 2008-2009 كان مأساويًا أكثر، إلا أن ما قاد ذلك الانهيار كان عوامل من خارج سوق النفط. لقد كان نتيجةً للأزمة المالية، والانكماش الحاد في النمو الاقتصادي، الذي استنزف الطلب على النفط.
ولكن هذه المرة الوضع مختلف، ليس فقط بسبب الحجم النسبي لتحركات الأسعار. ما حدث في عام 2014 في سوق النفط جاء أولًا، نتيجة ارتفاع المخزونات بسبب ضعف الطلب، وزيادة الإنتاج الغير مخطط لها؛ وثانيًا، بسبب رفض أوبك، وتحديدًا المملكة العربية السعودية، التدخل، وترك السيطرة لقوى السوق.
وأحد الأسباب في تخلي المملكة العربية السعودية عن دورها كمنتج مرن ناتج على وجه التحديد عن هذه الاختلافات. حيث إنه، وفي عام 2008، تسببت عوامل خارجية في انخفاض الطلب، وهو ما أدى إلى إجبار أوبك على العمل لتصحيح الوضع. ولكن هذه المرة، جاءت المشاكل من الداخل.
وبالتالي، سوف يؤدي خفض الإنتاج من قبل المملكة العربية السعودية من أجل دعم الأسعار إلى فقدان المملكة لحصتها في السوق فقط، نظرًا لعدم قدرة أو عدم رغبة الأعضاء الآخرين في أوبك، وحتى الدول خارج أوبك، بخفض إنتاجها.
وبالتأكيد أعاد قرار أوبك، بالحفاظ على مستوى إنتاجها اليومي في اجتماع نوفمبر، إحياء الجدل القديم حول أهمية المنظمة ودورها في السوق، وخصوصًا في ضوء النمو في إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة.
وتتجاهل هذه النقاشات عادةً نقطة واحدة بسيطة، هي أن قرار عدم التدخل هو قرار شجاع، نظرًا لأنه يشير إلى الخروج عن النظرية الاقتصادية التي تقول بأنه ينبغي على منتجي النفط التركيز على الإيرادات.
لقد تخلت المملكة العربية السعودية عن مليارات الدولارات من العائدات على المدى القصير، وسوف تعاني من عجز في الميزانية لعام 2015 بمقدار 39 مليار دولار، في محاولة للاحتفاظ بحصتها في السوق. إنها تراهن على أن فترة انخفاض الأسعار، والتي يمكنها تحملها نظرًا لاحتياطياتها الوفيرة من النقد الأجنبي، سوف تهز بعض منتجي النفط بتكلفة عالية.
وبالفعل، صرح وزير النفط السعودي علنًا أنه لن يخفض الإنتاج، بصرف النظر عن مستويات الأسعار، “سواءً كانت 40 دولارًا، 30 دولارًا، أو حتى 20 دولاراًً للبرميل”.
وبالنسبة لهذه الصناعة، لم يحطم الانهيار الأخير فترة طويلة ومستقرة من ارتفاع أسعار النفط فقط، بل كان أيضًا دعوة لليقظة، خاصةً في ظل استمرار حديث المملكة العربية السعودية عن جلب السوق إلى الأسفل، وهو أمر لم يسبق له مثيل.
وكان الافتراض العام منذ الأزمة المالية العالمية، عندما خفضت أوبك الإمدادات بمقدار 3 ملايين برميل يوميًا بقيادة المملكة العربية السعودية، يقول إن المملكة سوف تحاول ضمان بقاء الأسعار ضمن النطاق المطلوب لمعادلة ميزانيتها، أي حوالي 90 إلى 110 دولار للبرميل.
وأدت هذه القناعة إلى تركيز منتجي النفط في الولايات المتحدة على القيام بمشروعات أكثر من أي وقت مضى، وسبر مواقع أكثر تحديًا، مما أدى إلى ارتفاع التكاليف. ووفقًا لتحليلاتنا، أكثر من ثلث الإنتاج العالمي من النفط غير اقتصادي بأسعار اليوم، وأكثر من 2 مليون برميل يوميًا من الإنتاج أصبح في خطر.
وهكذا، أعطى قرار أوبك بعدم التدخل، وعناد المملكة العربية السعودية، درسًا للسوق، يقول إنه لا ينبغي ضمان سلوك أكبر منتجي أوبك كأمر مفروغ منه، وإن المملكة قد تكون على استعداد لتحقيق أهداف على المدى الطويل، حتى ولو على حساب إيراداتها على المدى القريب.
المقالة تعبر عن رأي الصحيفة / الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها – ترجمة التقرير