“المتعاونون” في الصحافة السعودية: عدم استقرار وظيفي وأجور متدنية

يعاني أكثر من 60 في المئة من الصحفيين السعوديين المتعاونين، في الصحافة السعودية، من تدنّي الأجور، وقد دفعهم هذا الوضع الى تنظيم حملة إلكترونيّة قبل أكثر من عام على مواقع التواصل الاجتماعيّة بهاشتاج (#حملة_الصحفيين_ السعوديين_ المتعاونين)، للفت الانتباه إلى هموم الصحافيين المتعاونين، وكل ما من شأنه دعم مطالبهم. إلا أن قضيتهم لا تزال تراوح مكانها رغم كل الوعود المعسولة التي مُنحت لهم.

ويعاني هؤلاء الصحافيون من محدودية دخلهم الماديّ، إذ لا تتجاوز مكافأة محرر صحافي متعاون بعد 15 عاماً من العمل، الألفي ريال، كما تعاني هذه الفئة من غياب الأمان الوظيفي، وهذا ما يشكوه الكثير منهم عبر مواقع التواصل الاجتماعية، بخاصة "فيسبوك، وتويتر"، وعبر العديد من المطالبات لتحسين أوضاعهم الوظيفية.

وتشهد الحملة منذ إطلاقها تعاطفاً من عدد من كتّاب الرأي في الصحف السعودية، كما شهدت إبّان بدئها دعماً لوجستياً من قبل عدد غير قليل من كبار المثقفين والإعلاميين السعوديين ورؤساء مكاتب الصحف. إذ وقعوا في حينها مع المتعاونين على خطاب تم رفعه إلى "وزارة الثقافة والإعلام" و"هيئة الصحافيين السعوديين"، طالبوا فيه بعشرة مطالب حقوقية، يرون بأنها مهمة لتحسين أوضاعهم الوظيفية.

ومن أبرز المطالب، إلزام المؤسسات الصحفية بصياغة عقود عمل للصحافي المتعاون تحدد الحقوق والواجبات، وتوظيف الصحافي أو الصحافية ممن لا يملكون عملاً رسمياً، بعد مضي فترة التجربة، وتحديد حد أدنى للمكافآت التي يتلقاها المتعاونون، بعد مضي فترة التجربة التي تشترطها المؤسسات على الصحافي المبتدئ وعدم ترك تحديدها لمزاجية القائمين على الصحيفة. كما طالبت الرسالة بإعطاء بدل تعويض في حال أحجمت الصحيفة عن نشر مادة بسبب تزاحمها مع نشر إعلان تجاريّ، وأن تمنح جميع المؤسسات الصحفية المتعاونين بطاقات تعرّف بهم. ومن ذلك، منح بطاقة عضوية الهيئة لتكون في متناول الجميع، متعاونين ومتفرغين، وأن تتكفل هيئة الصحافيين ووزارة الثقافة والإعلام، ووزارة العمل، بمراجعة العقود، ومراقبة الأوضاع الإدارية في المؤسسات الصحفية، ومحاسبتها على عمليات التلاعب بالعقود، أو عدم العمل بها، إضافة إلى إتاحة فرص التدريب والتأهيل للصحافيين المتعاونين أسوة بالمتفرغين، وافتتاح فروع لهيئة الصحافيين في المناطق وتفعيلها من خلال الدورات التطويرية، واعتبارها مراكزَ لاستقبال شكاوى الصحافيين ضدّ صحفهم أو أي جهة أخرى.

ووقّع على الرسالة 100 صحافي متعاون، وكذلك متضامنون معهم. بيد أن ردّ الوزارة على المتعاونين جاء بخطاب خيّب الآمال، تملصت فيه الوزارة من دورها تجاههم، ورمت بالكرة في ملعب وزارة العمل، بينما لم تحرك "هيئة الصحافيين السعوديين" ساكناً رغم وعودها المعلنة. وضاعت بذلك حقوق المتعاونين بين التملص والتسويف. وكان الأمين العام لهيئة الصحافيين الدكتور عبدالله الجحلان، وعد على صحيفة الاقتصادية عام 2013 بأنه "وقبل نهاية العام سنشهد كثيراً من الإيجابيات"، وقال: "وأرى أن العام الحالي عام مفصلي في المجلس، وإذا لم تقدم الهيئة كثيراً مما يتطلع إليه الصحافيون، يجب أن نحكم بألا قيمة لوجود مظلة لمثل هيئة الصحافيين". وها قد انصرم العام وحلّ عام جديد، ولم يجد الصحافيون الإيجابيات التي وعدت الهيئة أن يشهدوها قبل نهاية العام.

ومن الجدير بالذكر أن الصحافة السعودية، منذ نشأتها في خمسينيات القرن الماضي، انطلقت بصفتها صحافة أفراد، ومن ثمّ تحولت إلى صحافة مؤسسات تعتمد على الكفاءات الصحفية غير المتفرغة (المتعاونين)، من محررين صحافيين، ومراسلين ومندوبين، وكُتّاب تحقيقات صحافية ورأي، وأحياناً رؤساء أقسام!