السعودية / نبأ – كتب السعودي علي عايض القحطاني مقالاً في صحيفة السفير العربي اليوم بعنوان “بعد حادثة الأحساء: في إنتظار المجزرة!”، أشار فيه إلى عوامل إنتشار الطائفية في المجتمع السعودي مشبّهاً الصراع المذهبي بين قبائل، بين “قبيلة” السنّة و”قبيلة” الشيعة بحسب قولة، معتبراً أنّ المواقف المعارضة للسياسات الحكومية المحفزة للطائفية من قبل المثقفين وقادة الرأي السعودي هي ما تزيد الطين بلّة، بحسب تعبيره.
وإعتبر القحطاني إلى “أنّهم لا يدعون لتغيير آليات تنظيم المجتمع، بل يسلمون بالوضع القائم ويدعون إلى تثبيته عن طريق “الدعوة الى التعايش!”، وأعطى مثال على ذلك قول الناشط الإسلامي عبد المحسن العواجي بعد حادثة الدالوة في البرنامج التلفزيوني”حراك”. يرى العواجي أن على الشيعة إدراك نسبتهم الصغيرة في المجتمع، وألا يفرضوا على الأكثرية رأيهم. فبالنسبة إليه، الأكثرية وألاقلية تحددهما أعداد المعتنقين للمذهب. هذا لا يدور في خاطر العواجي وحده بل هو رأي عام منتشر.
وأشار الكاتب إلى انه في مطلع الشهر الماضي، وفي اليوم الموافق لعاشوراء “خرجت مسيرة حسينية بقرية الدالوه الصغيرة في محافظه الإحساء شرق السعودية، هاجمها مسلحون وراح ضحية الهجوم ستة مواطنين اغلبهم أطفال وجُرح ما يقارب الثلاثين. ردت القوى الأمنية على الهجوم بسرعة وكفاءة عالية واعتقلت ما يقارب العشرين شخصاً. أتت ردة الفعل الشعبية والرسمية مُدينة ورافضة لما حصل.. وكأن لسان الحال يقول نعم للطائفية فكرا وليس ممارسة!” بحسب الكاتب.
ولفت القحطاني إلى أنّ الحادثة هي الأولى من نوعها في المجتمع السعودي، مشيراً إلى أنّ “ما يشاهده المواطنون من اقتتال طائفي في سوريا والعراق بدأ يطل عليهم برأسه من شاشات التلفزة وأصبح واقعاً ملموسا في شوارعهم”، لافتاً إلى تحرك وزير الإعلام السعودي عبد العزيز خوجة بعد الحادثة مباشره واصدره أمراً بإقفال قناة “وصال” وهي إحدى القنوات الطائفية بامتياز وتبث من داخل المملكة.
وتابع الكاتب: “لم تنقض اثنا عشر ساعة حتى أصبح خوجة “الوزير السابق” بعد إعفائه من منصبه بمرسوم ملكي. وبالطبع عادت وصال للبث من جديد. ويكفي لمعرفة قناة وصال ومن على شاكلتها ما صرح به مذيعها الشهير خالد الغامدي حينما هدد أهل العوامية في برنامجه بحشد القبائل والزحف للقطيف.. لولا أن قرار ولي الأمر يمنعه من ذلك”.
وإعتبر أنّ الإصرار على دعم قنوات الفتنة لا بنبع من موقف طائفي تجاه الشيعة ولا من خلاف حول اجتهادات فقهية مذهبية، بل من قناعة رسختها التجربة وهي انه كلما زادت حدت الهجوم على الطائفة الشيعية كلما اتخذ الحراك المطلبي في القطيف صفة الحراك الشيعي كردة فعل طبيعية. وهنا بيت القصيد.
الكاتب يرى أنّ “اكتساب الحراك المطلبي في المناطق الشيعية صفه مذهبية يمثل دعاية فاعلة بأقل التكاليف لتعزيز رواية التغلغل الإيراني في الدول العربية، وذلك ما يعزز الاصطفاف حول السلطة و يبعد التركيز عن مشاكل الإصلاح والبطالة والتنمية وغيرها لصالح الوحدة خلف القيادة في وجه “الخطر الإيراني”.
مضيفاً: “وحتى الاعتداءات الأخيرة على المسجد الأقصى لم تستطع أن تسحب البساط من التأزم الطائفي. وليست القنوات الفضائية الطائفية الأدوات الوحيدة في المعزوفة الطائفية، بل تشاركها بعض منابر المساجد، والمحاضرات، ودور النشر، فيما تلعب السلطة دور المايسترو وتجيد رفع الإيقاع وخفضه كما تريد”.
وأشار الكاتب إلى ان أن القضاء مكمل للسياسات الإعلامية في التحشيد الطائفي. فبعد الحادثه بيومين، صدر حكم يقضي بالحبس سنتين ومئتي جلدة على الناشط الحقوقي المعرف مخلف بن دهام الشمري، ذاكراً انّ نهمته كانت “مجالسة الشيعة” و”الصلاة في مسجد شيعي” حسب ما نص عليه قرار قضائي صادر عن المحكمة الجزائية في الخُبر. وهكذا وبدلا من سن قانون يجرم الطائفية ويعاقب عليها، يحدث العكس تماما فيجرم التلاحم الوطني ومظاهر الوحدة.
ويرى القحطاني أنّه “لم يعد هناك وقت لاحتواء الطائفية عن طريق العمل على بناء هوية جامعه للسعوديين تكون الأرض المشتركة للالتقاء بين أبناء الوطن”. معتبراً أن ذلك ذلك يتطلب سنين طويلة من “العمل ويحتاج إلى مقرات تعليم ودعاية هائلة وكثير من الوسائل، في حين أن خطر الاقتتال الطائفي بدأ يطل برأسه، وهو اخطر في السعودية من غيرها لأنه على أرضه وبين جمهوره ويملك كل مقومات الانفلات”.
وتابع: “فلا يغترنّ أحد بأن الكلام عن الحادثة بدأ يقل وإنها أصبحت من الماضي. فالانفلات لا يحتاج إلا لحادثة أخرى أو عمليه انتقام في تجمع سني مثلا لتشتعل نار لا تخمد”.
ويرى أنّ “الحل المنطقي على المدى القصير هو سن قانون عاجل يقضي بتجريم الطائفية ووضع عقوبات قاسية على من يساهم في التجييش المذهبي.. أما على صعيد الحراك الشيعي، فلا بد ان يندمج قادته في حركات وطنية تطالب بحقوق المواطنين وليس “حقوق الأقلية” التي أصبحت المطالبة باسمها جزء من دعاية ضد جميع المواطنين!”.
وأشار القحطاني في نهاية مقاله أنّ الجزء الأهم في الخلاص من المشكلة فهو الانتقال من العالم الافتراضي على الانترنت إلى الشارع. ومن ثقافة الاستجداء والاستعطاف للمسئول إلى الثقافة الحقوقية وثقافة المواجهة. والاعتصام والعصيان هو ما يُسمع وليست مئة وأربعون حرفاً على تويتر. هذا طريق لابد منه، وإن أوجع سالكيه، إلا أن الثمن بدونه لا يحتمل. وإلا فعلينا أن نتحمل المسؤولية: نحن في انتظار المجزرة المقبلة.