تجري، عادةً، محاولة تزييف الواقع وتجميله إذا ما كان سيئاً، بخطب رنانة تُلقى على مسامع خفاف العقول، تماماً كما فعل ولي العهد محمد بن سلمان خلال استقباله ضيوف أبيه الملك سلمان بن عبدالعزيز، من زعماء ومسؤولين في الديوان الملكي في “قصر منى” يوم الخميس 29 حزيران/يونيو 2023، إذ قال ابن سلمان، بملئ فمه، إنَّ “السعودية منذ تأسيسها تشرفت بخدمة الحرمين الشريفين”.
فلنرجع بالزمن، إذاً، ونسأل: “هل فعلاً تولّي آل سعود مسؤولية الحرمين الشريفين، كان خدمة لبيت الله الحرام؟”.
منذ سيطرة آل سعود على الحجاز، والنظام السعودي يحتكر الحق بمنح زيارة الأراضي المقدسة في مكة والمدينة أو منعها، بحسب المصالح السياسية والاقتصادية، مستخدما فريضة الحج الدينية كأداة للابتزاز السياسي من خلال تصيُّد واعتقال قاصدي البيت الحرام، وفرض قيود مشدَّدة عليهم.
استغل النظام الذي يتبجح بخدمة الحرمين الشريفين هذه المسؤولية لخدمة مصالحه الاقتصادية والتجارية، محدثاً تشويهاً خطيراً على مستوى الشكل والمضمون لهذه الفريضة المقدسة، من خلال إطلاق مشاريع التَّوْسِعة بغاية تشييد الأبراج والفنادق والأسواق التجارية لتحقيق الربح الشخصي لملوك وأمراء آل سعود.
يُضاف إلى ذلك تسجيل وفيات بالمئات على مرِّ السنوات نتيجة حوادث حصلت لأسباب مختلفة، كان أبرزها حادثة التدافع في منى، وحادثة انهيار فندق في مكة خلال عام 2006، وحوادث احتراق خِيَم واشتباكات وغيرها. فأي شرف يتحدث عنه ابن سلمان؟