أشار مصدر في مجلس الوزراء المصري، اليوم الخميس، إلى إن أحداث العراق الطارئة أثرت بشكل كبير على المباحثات التي تُجريها مصر مع السعودية بشأن مؤتمر المانحين، مما يهدد الرئيس الجديد عبد الفتاح السيسي بأزمة مالية كبيرة، ما لم يجد ممولين جدداً.
وأضاف المصدر، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، "يبدو أن المملكة انشغلت عن مصر بأحداث العراق الطارئة. نلمس تردداً لم نعهده من قبل على أشقائنا السعوديين في ما يتعلق بالمنح. لا يريدون الالتزام بموعد محدد لعقد المؤتمر".
وقال المصدر إن المؤشرات التي تتلقاها الحكومة من الرياض لا تبشر بخير على المدى القريب، إذ من المتوقع أن يتم إرجاء المؤتمر إلى نوفمبر/تشرين الثاني المقبل "وهي مدة طويلة جداً.. لا يمكننا أن نواصل خمسة أشهر كاملة في الوضع الراهن بدون مساعدات".
وأوضح المصدر أن الحكومة لا تعول كثيراً على زيارة العاهل السعودي الخاطفة لمصر غداً الجمعة، "كونها تركز على الدعم السياسي للرئيس الجديد، فضلاً عن ملف آخر مُلحّ وهو العراق".
وأضاف "إذا أعلن ملك السعودية عن مساعدات جديدة لمصر وهذا ما نستبعده، فإن موقف السيسي سيكون أفضل، لكن لا غنى عن مؤتمر المانحين بشراكة دولية واسعة لتحسين صورة مصر وتأكيد الثقة الدولية في القيادة الجديدة. هذا سيشجع الكثير من المترددين حول العالم للتعاون معنا، سواء كانوا دولاً أم مؤسسات مثل صندوق النقد".
وحول أسباب تأخير مؤتمر المانحين، قال المصدر "لا نعلم إذا كان السبب هو أحداث العراق فقط، أم أن المملكة تواجه صعوبات في إقناع شركاء آخرين. نعتقد أن الأوضاع في الكويت لن تسمح بأي مساعدات جديدة، كما أن الإمارات تُبدي لهجة سلبية بشأن مواصلة المنح".
وكان وزير المالية الإماراتي حمدان بن راشد آل مكتوم، قد أكد في مايو/أيار الماضي أن بلاده لا تنوي تقديم مساعدات مالية إضافية لمصر في الوقت الحالي، وهو ما نفته أبوظبي بعد أيام.
وكان مصدر مسؤول في وزارة البترول المصرية قال لـ"العربي الجديد"، الشهر الماضي، إن الكويت التي أبدت دعمها الكامل للنظام المؤقت، لم تمدّ مصر حتى الآن بأي مساعدات نفطية خلال العام الجاري 2014، على عكس الإمارات والسعودية.
وكان النظام الحاكم في الكويت قد واجه معارضة قوية من تيار وطني كبير بسبب الدعم الذي أعلنه للانقلاب العسكري بقيمة 4 مليارات دولار، تتضمن محروقات بقيمة ملياري دولار.
وحسب المصدر، فإن مؤسسات ضخمة مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وبنك الاستثمار الأوروبي ستحتاج إلى جهود مضنية من المملكة بصفتها منظم المؤتمر، لإقناعها بالمشاركة نظراً لملاحظات الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي على ملف حقوق الإنسان في مصر على مدار العام الماضي.
ويتوقع مسؤولون في مصر أن تفوق المساعدات التي سيدرها مؤتمر المانحين المزمع 10 مليارات دولار، على الأقل، فضلاً عن توقيع اتفاقيات استثمارية ضخمة مع شركات عالمية مدعومة من "حكومات صديقة" وضخ استثمارات من مؤسسات المال الدولية، بما يدوّر عجلة الاقتصاد ويُخرج البلاد من حالة الركود غير المسبوقة التي ضربتها منذ يوليو/تموز.
وتباطأ معدل النمو في مصر إلى حدود 2% خلال الشهور التسعة الأولى من السنة المالية الجارية 2013-2014، وكانت الحكومة تستهدف نمواً بـ 3.5% ثم خفضته بعد انقضاء أول ستة أشهر إلى 2.5%، لكن هذا الهدف المتواضع يبدو بعيد المنال، رغم المساعدات الضخمة التي ضخها الخليجيون.
وقال المصدر إن وزير المالية، هاني قدري دميان، سيتجه لاستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي بشأن قرض قيمته 4.8 مليار دولار، لتعويض المنح في المدى الآجل من ناحية، وكسب ثقة المستثمرين الدوليين من ناحية أخرى. وأضاف "يبدو أننا سنتجه لصندوق النقد بشكل أسرع مما كنا نتخيل. الحكومة تسعى لتفادي الأزمة بأي شكل".
وكان السيسي قد دعا في مايو/أيار الماضي، الغرب والدول الصديقة لمصر، إلى مساعدتها على مواجهة متاعبها الاقتصادية، مضيفاً "مصر تحتاج إلى مساعداتكم خلال هذه المرحلة حتى تخرج من دائرة الفقر الذي تعاني منه".
وتواجه مصر ظروفاً اقتصادية متردية بسبب استمرار الاضطرابات السياسية والأمنية، منذ اندلاع ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 والتي ازدادت حدتها عقب الانقلاب العسكري، مما أدى إلى تراجع معدلات نمو الاقتصاد بشكل حاد.
وبحسب تقرير لمؤسسة "كارنجي" للسلام الدولي منتصف مارس/آذار، فإن نجاح القيادة الجديدة في مصر بوضع الاقتصاد على طريق التعافي، مرهون بإعادة إرساء الاستقرار السياسي، والحصول على مزيد من الموارد المالية من بلدان الخليج الغنية.
وامتنع السيسي عن تكهن المدة التي يمكن لمصر الاستغناء فيها عن مساعدات الخليج، لكنه قال إن مصر بحاجة إلى الوقوف على قدميها