السعودية/ متابعات- أشار التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية لعامي 2014 / 2015 أن الحكومة السعودية قيدت الحكومة بشدة حرية التعبير وتكوين الجمعيات والانضمام إليها، وحرية التجمع، وشنت حملة ضارية على من يطرحون آراء مخالفة لسياساتها، واعتقلت وسجنت منتقديها، بمن فيهم مدافعون عن حقوق الإنسان.
وأدين العديد من الأشخاص في محاكمات جائرة أمام محاكم لم تحترم الإجراءات القانونية الواجبة، بما فيها محكمة خاصة بمكافحة الإرهاب صدرت عنها أحكام بالإعدام. وقرن تشريع جديد انتقاد الحكومة وغيره من الأنشطة السلمية مع الإرهاب بصورة حثيثة. وضيقت السلطات الخناق على أنشطة الإنترنت، وقامت بترهيب الناشطين الذين أبلغوا عن انتهاكات حقوق الإنسان، وأفراد أسرهم. وظل التمييز ضد الأقلية الشيعية راسخا.
وحكم على بعض الناشطين الشيعة بالإعدام، وصدرت بحق العشرات منهم أحكام بالسجن مددا طويلة. ووفق ما ورد من تقارير، استمر تعذيب المعتقلين على نطاق واسع.
وأدانت المحاكم متهمين استنادا إلى "اعترافات" انتزعت عن طريق التعذيب، وحكمت على آخرين بالجلد. وواجهت النساء التمييز في القانون والواقع العملي، وظلت الحماية من العنف الجنسي وغيره من أشكال العنف غير كافية رغم صدور قانون جديد يجرم العنف الأسري.
واعتقلت السلطات الآلاف من المهاجرين الأجانب وطردتهم بناء على إجراءات موجزة، وأعادت البعض إلى بلدان قد يتعرضون فيها الانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. كما استخدمت السلطات عقوبة الإعدام على نطاق واسع، ونفذت عشرات من عمليات الإعدام العلنية.
خلفية
اعتمدت الحكومة إجراءات صارمة ضد منتقديها وخصومها على نحو متزايد، بدءا بالمعارضين السلميين وانتهاء بالمتشددين الإسلاميين المسلحين، وانعكس ذلك في سن وتنفيذ تشريع جديد ومتشدد لمكافحة الإرهاب. ودأبت السلطات في العلن على ردع المواطنين عن التبرع بالأموال للجماعات المسلحة السنية المتشددة في سوريا والعراق، وتجنيد المقاتلين للالتحاق بها، وتقديم أي شكل من أشكال الدعم لها.
وفي سبتمبر انضمت المملكة العربية السعودية إلى التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" المسلح وجماعات مسلحة أخرى في سوريا والعراق. وأكمل "مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان"، في مارس "استعراضه الدوري الشامل" لسجل المملكة العربية السعودية في مضمار حقوق اإلنسان. وقبلت الحكومة أغلبية التوصيات؛ ولكنها رفضت دعوات جوهرية، منها التصديق على "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".
والتزمت الحكومة بتفكيك أو إلغاء نظام قوامة الرجال على النساء، وبالسماح للمرأة بمزيد من الحرية في السفر والدراسة والعمل والزواج؛ ولكنها لم تكن قد اتخذت أي خطوات ملفتة لتنفيذ هذه الالتزامات بحلول نهاية العام.
حرية التعبير
واصلت الحكومة عدم التساهل مع المعارضة وقمعت منتقديها، بما في ذلك مدونون ومعلقون على الإنترنت، وسياسيون وناشطون في مجال حقوق المرأة، وأفراد من الطائفة الشيعية، ونشطاء ومدافعون حقوق الإنسان. وواصلت الحكومة منع القضاة من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
ففي مايو أصدرت محكمة في جدة حكمها على المدون رائف بدوي بالسجن 10أعوام وبالجلد 1000 جلدة، عقب إدانته بتهم شملت "إهانة الإسلام" لإنشائه موقعا إلكترونيا باسم "شبكة الليبراليين السعوديين"، للتشجيع على تعزيز الحوار السياسي والاجتماعي، ولانتقاده بعض الزعماء الدينيين.
ووجهت إليه في البداية تهمة "الردة"، التي تصل عقوبتها الى الإعدام. كما أمرت المحكمة بإغلاق الموقع. وأكدت محكمة الاستئناف، في سبتمبر عقوبتي السجن والجلد الصادرتين بحقه.
ولم تسمح الحكومة بوجود الأحزاب السياسية والنقابات العمالية والجماعات المستقلة لحقوق الإنسان، واعتقلت وحاكمت وسجنت من ساهم في تأسيس منظمات غير مرخصة أو اشترك فيها.
وواصلت الحكومة منع دخول منظمة العفو الدولية إلى المملكة العربية السعودية، واتخذت إجراءات عقابية ضد النشطاء وضد أفراد أسر الضحايا الذين تواصلوا مع منظمة العفو الدولية. وظلت جميع التجمعات العامة، بما في ذلك المظاهرات، محظورة بموجب أمر صدر عن وزارة الداخلية في 2011. وواجه من حاولوا تحدي الحظر الاعتقال والمحاكمة والسجن بتهم من قبيل "التحريض ضد السلطات".
ألامن ومكافحة الإرهاب
وسع قانون جديد لمكافحة الإرهاب دخل حيز التنفيذ، في فبراير الماضي، بعد موافقة الملك، الصلاحيات الكاسحة للسلطات في مجال مكافحة "جرائم الإرهاب". ولم ُّيعرف القانون الجديد الإرهاب، ولكنه نص على اعتبار أي قول أو فعل ترى السلطات أنه يقصد به، بشكل مباشر أو غير مباشر، "الإخلال بالنظام العام، أو زعزعة أمن المجتمع واستقرار الدولة أو تعريض وحدتها الوطنية للخطر، أو تعطيل النظام الأساسي للحكم أو بعض مواده، أو الإساءة إلى سمعة الدولة أو مكانتها"، عمال إرهابيا.
وفي مارس وسعت سلسلة من المراسيم الصادرة عن وزارة الداخلية التعريف الفضفاض السابق للإرهاب في المملكة العربية السعودية ليشمل "الدعوة إلى الفكر الإلحادي" و"الاتصال بأي جماعات أو أفراد من المعارضين للمملكة"، فضال عن "السعي إلى تهديد الوحدة الوطنية" من خلال الدعوة للاحتجاجات، و"الإضرار بالدول الأخرى وقادتها".
وفي انتهاك للمعايير الدولية، طبقت المراسيم الجديدة بأثر رجعي، لتعرض من سبق وزعم أنهم قد ارتكبوا مثل هذه الأفعال في الماضي للمحاكمة بتهمة الإرهاب، إضافة إلى تهم أخرى إذا ما ارتكبوا أي مخالفة جديدة.
قامت السلطات الأمنية بحملة اعتقالات تعسفية وواصلت احتجاز المعتقلين دون تهمة أو محاكمة لفترات طويلة، حيث ظل عشرات الأشخاص محتجزين ألكثر من ستة أشهر، دون أن يحالوا إلى المحكمة المختصة، في خرق ألحكام "نظام الإجراءات الجزائية" في البلاد. وكثيرا ما تعرض المعتقلون للاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي أثناء الاستجواب ومنعوا من الاتصال بالمحامين، مما شكل انتهاكا للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
التعذيب
بقي التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة شائعا ورائجا، وفقا لمعتقلين سابقين، ومتهمين بانتظار المحاكمة وغيرهم، وأفلت مستخدموه عموما من العقاب. وفي عدد من القضايا، أدانت المحاكم المتهمين فقط على أساس "اعترافات" ما قبل المحاكمة، دون التحقيق في ادعاءاتهم بأن هذه الاعترافات قد انتزعت تحت وطأة التعذيب، وفي بعض الحالات أصدرت أحكاما بالإعدام على المتهمين.
ورد أن بعض السجناء المحكومين ألسباب سياسية، في السنوات السابقة، تعرضوا لضروب من سوء المعاملة في السجن، بما في ذلك الناشطان في "حسم" المسجونان: الدكتور عبد الله الحامد والدكتور محمد القحطاني، اللذين أضربا عن الطعام في مارس احتجاجا على وضعهما. وفي شهر أغسطس، انهال حراس سجن جدة بالضرب على محامي حقوق الإنسان السجين وليد أبو الخير أثناء إخراجه قسرا من زنزانته قبل نقله إلى سجن آخر.
التمييز -الأقلية الشيعية
ظل أعضاء الأقلية الشيعية، الذين يعيش معظمهم في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط، يواجهون التمييز المتأصل الذي حد من وصولهم إلى الخدمات الحكومية وفرص العمل، وأثر عليهم بطرق أخرى عديدة. وظل أعضاء الطائفة الشيعية في الغالب مستبعدين من شغل المناصب العليا.
وواجه قادة الشيعة ونشطاؤهم الاعتقال والسجن عقب محاكمات غير عادلة، وصوال إلى عقوبة الإعدام. وفي مايو حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة على محمد باقر النمر باإلعدام عقب إدانته بتهم شملت التظاهر ضد الحكومة، وحيازة الأسلحة ومهاجمة قوات ألامن. ونفى الاتهامات وقال للمحكمة إنه قد تعرض للتعذيب، وأجبر على الاعتراف في فترة الاحتجاز السابق للمحاكمة. وأدانته المحكمة دون التحقيق في مزاعم تعرضه للتعذيب، وحكمت عليه بالإعدام رغم أنه كان في سن 71 وقت ارتكاب الجرائم المزعومة.
حقوق المرأة
ظلت النساء والفتيات عرضة للتمييز في القانون والواقع الفعلي. وظلت المرأة تابعة للرجل وفقا للقانون، وخاصة فيما يتعلق بالمسائل الأسرية، مثل الزواج والطالق وحضانة الأطفال والميراث، ولم توفر لهن الحماية الكافية من العنف الجنسي وغيره من أشكال العنف. وظل العنف المنزلي متوطنا، بحسب ما ورد، رغم حملة التوعية الحكومية التي بدأت في 2013 ولم يتم، في الممارسة العملية، تنفيذ قانون صدر في 3102 ويجرم العنف الأسري، نظرا لعدم وجود سلطات مختصة لتنفيذه.
وواجهت النساء اللواتي دعمن حملة قيادة المرأة للسيارات، التي أطلقت في 2011 لتحدي الحظر المفروض على قيادة النساء – المضايقة والترهيب من قبل السلطات، التي حذرت من أن النساء اللاتي يقدن السيارات سيواجهن الاعتقال.
وألقي القبض على البعض، ولكن أفرج عنهن بعد فترة قصيرة. وفي أوائل ديسمبر ألقي القبض على كل من لجين الهذلول، وميساء العمودي، وهما داعمتان للحملة، وذلك على الحدود مع الإمارات العربية المتحدة، لقيادتهما السيارات.
وفي وقت لاحق وجهت السلطات إلى كل من المرأتين تهما تتعلق بالإرهاب. وظال رهن الاعتقال بنهاية العام.
واعتقلت الناشطة في مجال حقوق المرأة سعاد الشمري، في أكتوبر بعد استدعائها من قبل موظفي هيئة التحقيق والادعاء العام في جدة استجوابها. وكانت، في نهاية السنة، لاتزال محتجزة من دون تهمة في سجن بريمان في جدة.
وظلت الناشطتان في مجال حقوق المرأة وجيهة الحويدر وفوزية العيوني، اللتان أكدت محكمة الاستئناف الحكم الصادر بحقهما، في 2013، بالسجن 10 شهور والمنع من السفر إلى الخارج لمدة عامين مطلقتي السراح. ولم توضح السلطات سبب عدم إيداعهما السجن.
وفي ابريل اتهمت اثنتان من بنات الملك والدهما بأنه قد احتجزهما وأختين لهما داخل مجمع للقصور الملكية لمدة 31 عاما، حرمن أثناءها من الحصول على ما يكفيهن من الطعام.
حقوق العمال المهاجرين
عقب منح العمال الأجانب عدة أشهر لتسوية أوضاعهم، شنت الحكومة حملة على العمال الأجانب المخالفين، في نوفمبر 2013.
وقبضت واحتجزت مئات الآلاف من العمال األجانب ورحلتهم، بغرض إتاحة المزيد من فرص العمل للسعوديين. وفي مارس صرح وزير الداخلية بأن السلطات قد رحلت أكثر من 370 ألف مهاجر من المهاجرين.
الأجانب في الأشهر الخمسة السابقة، وأن 18 ألف آخرين كانوا قيد الاحتجاز. وأعيد آلاف العمال بإجراءات موجزة إلى الصومال وغيرها من الدول، حيث كانوا عرضة لانتهاكات حقوق الإنسان، كما أعيدت أعداد كبيرة من اليمنيين أيضا إلى بالدهم. وأفاد العديد من المهاجرين أنهم حشروا قبل ترحيلهم في مرافق احتجاز مؤقتة شديدة الاكتظاظ، حيث أعطوا القليل من الطعام والماء، وتعرضوا للتعذيب على ايدي الحراس.