نبأ – ذرائع عديدة تستخدمها السلطات السعودية لتبرير الفشل الذي آلت إليه مشاريع رؤية 2030، بعد سنوات من انطلاقتها دون تحقيق النتائج المرجوة، وهذا ما يجعل المسؤولين السعوديين يروجون لسرديات مختلفة بغية الخروج من الحرج الذي يلاحقهم جراء الإعلان عن مشاريع “ضخمة”.
تصريح جديد لوزير المالية محمد الجدعان يندرج في إطار “شراء الوقت” إزاء تعثر الاقتصاد السعودي وإعادة النظر في الأولويات، فخلال كلمة له في منتدى قطر الاقتصادي في الدوحة، أشار الجدعان إلى أن “رؤية 2030 أُطلقت عام 2016، قبل وقت طويل من تفشي الوباء والحروب في أوكرانيا وغزة ومشكلات مثل التضخم وتعطل سلاسل التوريد”، مضيفًا “كل تلك الصدمات الجماعية التي تواجه العالم تدعونا أيضًا إلى إعادة ترتيب الأولويات، والنظر إلى ما نقوم به، وكيف يمكننا تحسين ما نقوم به فعليًا، وتحسين خططنا”. وهذا يعني أن سلطات الرياض بعدما تيقنت من استحالة تنفيذ المشاريع في الوقت الحالي، أرجعت السبب إلى الظروف العالمية التي تتذرع بها لتبرير فشل رؤية ولي العهد محمد بن سلمان.
لم ينف الجدعان حاجة الاقتصاد السعودي إلى “الإصلاحات”، ما يستدعي “مزيداً من الوقت”، وهو بذلك اعترف بإخفاق الحسابات عندما كانت الأولوية للمشاريع الترفيهية لا الإصلاحات الاقتصادية، لكن مع ذلك وضع نفسه أمام حرج أكبر حين ألزم نفسه بمدة زمنية ستنتهي مهما عمل على إطالتها.
هذه ليست المرة الأولى التي يتحدث بها الجدعان عن تأجيل المشاريع، فسبق أن قال في اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي في الرياض في شهر أبريل الفائت إن: “المسؤولين ليس لديهم غرور، ويمكنهم تغيير المسار والتكيُّف استجابة للظروف الاقتصادية”. وفي مؤتمر صحفي في ديسمبر 2023 قال: “إن المسؤولين قرروا تأجيل الإطار الزمني لبعض المشاريع الكبرى إلى ما بعد عام 2030”.
ملامح تعثر المشاريع السعودية تكشفها مؤشرات أخرى تتمثل بتراجع توقعات المسؤولين السعوديين لسعة مدينة “نيوم”، فبعدما أعلنت سلطات الرياض أنه سيتمكن 1.5 مليون شخص العيش فيه، كشف مسؤولون سعوديون في الفترة الأخيرة أن المدينة لن تستوعب أكثر من 300 ألف ساكن، بحسب تقرير نشرته وكالة “بلومبيرغ” في أبريل 2024. كما أشارت الوكالة إلى أنه رغم الإعلان عن أن مشروع “ذا لاين” يمتد لمسافة 170 كيلومترًا على طول ساحل البحر الأحمر، إلا أن المراجعات الأخيرة أظهرت أنه سيتم الانتهاء من جزء مقداره 2.4 كيلومتر فقط، بحلول عام 2030.
تعددت أسباب الإخفاق الذي يطال مشاريع رؤية 2030 أبرزها عدم واقعيتها بالنظر إلى ضخامتها، فضلًا عن تجاهل الأولويات التي تكمن في الحاجة للإصلاحات الجذرية للاقتصاد المحلي، والأهم من ذلك هو تفشي الفساد والهدر وسوء الإدارة والتنظيم في أوساط المسؤولين الموكل إليهم إنشاء مشاريع الرؤية الاقتصادية التي انطلقت منذ ثماني سنوات من دون تحقيق أية نتائج تذكر حتى الآن، ولا تزال السعودية تعتمد على النفط كمصدر أساسي للعائدات، بعدما قيل سابقًا أن الرؤية الجديدة هي “خطة ما بعد النفط”.