أخبار عاجلة

السعودية وسياسة ذرّ الرماد في العيون


يبدو ان امتعاض وحتى غضب بعض الدول الغربية من تورط السعودية في دعم تنظيم "داعش" الارهابي، والذي بان واضحا بعد التقارير الامنية والصحفية الغربية ، دفع السلطات السعودية للعمل على امتصاص حالة الغضب والاستياء التي اخذت تدب في العواصم الغربية وخاصة في واشنطن بريطانيا وبرلين ، بشتى الوسائل.

لذلك تحاول السعودية إظهار نفسها وكأنها مهددة من قبل "داعش" ايضا ، فقد دعا الملك السعودي عبدالله بن عبدالعزيز في ختام اجتماع لمجلس الامن الوطني السعودي ، الى اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المملكة من التهديدات الارهابية، اثر تقدم "داعش" في العراق.

الكثير من المراقبين يرون في المواقف الرسمية التي تعلن عنها السعودية ، خاصة فيما يخص مكافحة الارهاب والمجموعات التكفيرية وخاصة الموقف من "داعش" بالتحديد، وكذلك من التطورات التي يشهدها العراق، تتناقض بالمرة مع المواقف الحقيقية للسعودية إزاء هذه القضايا.

فعلى سبيل المثال أدرجت السعودية "القاعدة" و "داعش" على قائمة الارهاب ، الا انها عمليا تمد اذرع هذه المجموعات في سوريا ، بكل اسباب القوة من مال واسلحة ودعم اعلامي ولوجستي واستخباراتي ، بشهادة حلفائها، وكأنها ترى في ممارسات هذه الجماعات "جهادا" عندما تنفذ في سوريا ، الا انها ستكون "ارهابا" لو نفذت داخل السعودية.

في الوقت الذي أخذ الغرب يعيد حساباته في تعامله مع المجموعات الارهابية التكفيرية في سوريا بعد ان تبين خطرها على الجميع، نرى السعودية تؤكد وعلى لسان وزير خارجيتها سعود الفيصل وفي اكثر من مناسبة ، ان السعودية ستواصل ارسال الاسلحة الى المجموعات الارهابية في سوريا ، حتى لو توقف العالم كله عن دعمها.

وليس خافيا العلاقة التي تربط "الجبهة الاسلامية" التي انشاها بندر بن سلطان في سوريا مع "جبهة النصرة" الفرع الرسمي للقاعدة في سوريا ، فهذه العلاقة متينة ومتداخله ، حيث يتبادل التنظيمان الاسلحة والمعلومات ويحاربان في خندق واحد ، باعتراف زعيم "الجبهة الاسلامية" زهران علوش احد رجال بندر في سوريا.

دعم السعودية ل"داعش" تعاظم وبشكل ملفت بعد انتقاله الى العراق ، وهذا الدعم جاء بعد ان رأت السعودية ان جميع مخططاتها في سوريا وصلت الى طريق مسدود ، لذا ومن اجل التعويض عن الانتكاسة السياسية السعودية في سوريا ، انتقل الاهتمام السعودي الى العراق ، وتشير المعلومات ، التي لم تتأكد بعد ، ان نشوة انتصارات "داعش" في العراق ، زاد من معنويات السعودية المحبطة ، وهو ما دفع الملك عبدالله ان يفوض ملف العراق الى بندر بن سلطان ، للحيلولة دون حصول انتكاسة سعودية ثانية.

ان اعلان الملك عبدالله اتخاذ تدابير امنية لحماية المملكة ، يأتي قبيل الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الامريكي جون كيري الى السعودية يوم الجمعة 27 حزيران / يونيو، والتي تشير التقارير الى أن كيري سيطلب خلالها من السعودية الكف عن دعم "داعش" وعن تهديد امن العراق ، ان هذا الاعلان يذكرنا باعلان السعودية بادراج "داعش" و "جبهة النصرة" على قائمة الارهاب عشية الزيارة الاخيرة التي قام بها الرئيس الامريكي باراك اوباما الى السعودية.

ان سياسة اطلاق مواقف متسرعة ازاء قضايا اقليمية في غاية الاهمية ، مثل قضايا مكافحة الارهاب ، قبيل كل زيارة يقوم بها مسؤول امريكي كبير للرياض ، تكشف عن عدم جدية السعودية في تصديها للارهاب ، وان هذه السياسة وهذه المواقف تأتي فقط للتقليل من الضغوط التي قد تمارسها امريكا على السعودية ، وكذلك من اجل التقليل من حدة غضب الامريكيين ، والا فالجميع يعلم وفي مقدمتهم امريكا ان السعودية لا يمكن ان تكون عنصرا ايجابيا في اطار التصدي للارهاب ، لان الارهاب الذي يهدد العالم يأتي ، وببساطة شديدة، من المذهب الرسمي للسعودية الا وهو الوهابية.

ان على الامريكيين، لو كانوا جادين حقا في مكافحة الارهاب والتصدي ل"داعش" ، عليهم ان يقولوا للسعوديين وبدون لف ولا دوران ، ان يجففوا منبع الارهاب الاول والاخير في السعودية ، وهي الوهابية التكفيرية ، وعلى الامريكيين الا يقعوا تحت تاثير سياسة ذر الرماد في العيون التي تعتمدها السعودية ، وهي سياسة لا تنطلي على السذج من الناس ، فلا نعتقد انها تنطلي على الامريكيين ، هذا لو كانوا حقا يريدون مكافحة الارهاب الوهابي.

سامح مظهر- شفقنا