السعودية/ نبأ- قال الكاتب الأيرلندي باتريك كوكبيرن، في تقريره الذي حمل عنوان "التدخل السعودي في اليمن يزيد الخليج اشتعالا" في صحيفة الإندبندنت البريطانية ، أن الغارات الجوية التي تشنها السعودية في اليمن تزيد الأوضاع اشتعالا في منطقة الخليج، وتهدد بتوسيع الانقسام الطائفي في العالم العربي والاسلامي، بل ويهدي تنظيم "داعش" نصرا جليا.
ويشير التقرير إلى أن الدول الأجنبية التي تذهب لحرب داخل اليمن عادة ما تعود نادمة على خطوتها تلك، فالتدخل العسكري الذي تقوده السعودية لم يشمل حتى اﻵن سوى غارات جوية لكن ربما يعقب ذلك هجوما بريا، أما الإسم الحركي للعملية هو "عاصفة الحزم" على الأرجح يشيرا إلى ما ترغب في حدوثه المملكة وحلفاؤها لكنه ما لن يحدث فعليا.
ويتابع: "على الصعيد العملي، فإن احتمالية حدوث نتيجة حاسمة جراء ذلك التدخل قليلة للغاية تماما مثلما حدث في العراق وأفغانستان، حيث إن الملمح السياسي للدول الثلاثة هو انقسام السلطة بين العديد من الفاعلين ما يجعل هزيمة أو استرضاء جميع الأطراف أمرا مستحيلا".
التهديد بمزيد من التدخل من قبل السعودية ومجلس التعاون الخليجي ربما يكون الهدف منه إعادة توازن القوى في اليمن ومنع الحوثيين من تحقيق انتصار كامل، لكن التدخل العسكري، الذي تقوده السعودية، سيدول الصراع اليمني ويؤكد على بعده الطائفي.
ذلك الأمر الذي يعقد موقف الولايات المتحدة، حيث كانت تسعى لإنجاح حملتها في اليمن ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وكان من المفترض أن تشن طائراتها هجمات لاستهداف نشطاء التنظيم، غير أن النهاية المهينة لحرب أمريكا الخفية داخل اليمن جاءت الأسبوع الماضي عندما غادرت فرقة الوحدات الخاصة البلاد وذهبت إلى جيبوتي.
السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط تبدو متناقضة، فواشنطن تدعم القوى السنية وتعارض الإيرانيين في اليمن لكنها تفعل العكس في العراق حيث شهد الخميس الماضي وللمرة الأولى استهداف طائرة أمريكية معاقل تنظيم داعش في تكريت، التي تتعرض لهجمات على مدار أربعة أسابيع حيث يقاتل حوالي 20 ألف من مقاتلي الحشد الشعبي و 3 آلاف من الجنود العراقيين بضعة مئات من مقاتلي داعش.
المعركة الحالية في تكريت تشنها قوات الحشد الشعبي، التي تدعمها إيران، ويدعمها في ذلك الطيران الأمريكي، وهنا يظهر التناقض الصارخ فواشنطن وطهران حليفتان داخل العراق لكنهما عدوتان داخل اليمن، وفق الصحيفة.
وربما لا يكون لدى الولايات المتحدة خيار سوى ذلك، ففي حال رفضها لدعم المقاتلين ضد داعش فسيصب ذلك في صالح التنظيم المتشدد، وإذا اعتمدت أيضا على الحكومة العراقية ومقاتلي البيشمركة فقط لإنهاء سيطرة داعش على المدن العراقي، فسيكون ذلك أمرا صعبا للغاية.
وربما تساعد واشنطن في معركة تكريت بطائراتها لسببين أولهما أن حكومة بغداد هي من طلبت ذلك رسميا، وربما افترضت أمريكا أنها ستفعل مع داعش في تكريت ما فعلته أيضا في كوباني العام الماضي وتخليص المدينة من سيطرة مسلحي التنظيم، أما السبب الثاني فهو إذا سقطت المدينة، فإن واشنطن لا ترغب في أن تسيطر إيران وقوات الحشد الشعبي على المدينة.
وبغض النظر عما يحدث في العراق واليمن، فإن المنطقة تزداد اشتعالا يوما بعد يوم، ومن وجهة نظر السعودية والخليج، فإن إيران والشيعة يتصدرون المشهد وأصبحوا مسيطرين وأكثر ونفوذا على أربعة عواصم عربية هم بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.
المواجهات التي اتخذت بعدا مذهبيا، وفق كوكبيرن، بين السعودية وحلفائها وإيران وحلفائها، أصبح أعمق وأكثر عسكرة، ومع تفاقم تلك الصراعات فإن ذلك يحول دون الوصول لحلول للقضايا الفردية، وبالتالي فإن التدخل السعودي في اليمن يقلل من فرصة الوصول لاتفاق حول برنامج إيران النووي بين واشنطن وطهران.
ومع توسع وانتشار الخلافات والانقسامات، فإن فرص تشكيل جبهة مشتركة قادرة على تدمير تنظيم داعش، تقل يوما بعد يوم.