بيروت/ نبأ- قالت صحيفة "السفير" اللبنانية في مقال للكاتبة ملاك حمود، أن لا مؤشرات على احتمال مشاركة باكستان في الحرب على اليمن.
وأفادت الكاتبة انه وبرغم الحلف الإستراتيجي السعودي ـ الباكستاني، يبدو أنّ الأخيرة باتت في موقف حرج، خصوصاً بعد إعلان الرياض مشاركتها في «تحالف الحزم»، قبل إعلامها، ومن جانب آخر، هناك حليفها الإيراني الذي يرفض التدخل السعودي في اليمن، ويعمل عبر قنوات ديبلوماسية للتوصل إلى حلّ سياسيّ يجنّب البلاد مزيداً من الدماء.
ردّ إسلام آباد لم يأت واضحاً، فهي أكّدت، في بداية الحرب، استعدادها للدفاع «بأيّ ثمن» عن حليفها السعودي في وجه أيّ تهديد لـ «وحدة وسلامة أراضيه»، لكنّها قالت، في الوقت ذاته، إنّها لا تريد تغذية نزاعٍ من شأنه أن يؤدّي إلى تفاقم التوترات الحادة أصلاً على أراضيها بين المسلمين الشيعة والسنة.
يوم أمس، انعقد البرلمان الباكستاني، بطلب من رئيس الوزراء نواز شريف، لمناقشة مشاركة البلاد في حرب «التحالف».
وفي وقت أعلن فيه وزير الدفاع خواجة آصف أنّ السعودية طلبت من باكستان طائرات وسفنا حربية وقواتا على الأرض لعمليتها في اليمن، أكّد أنّ بلاده لم تتخذ قرارها بعد، مضيفاً أنّها لا تزال تبحث عن حل «سياسيّ» و «سلمي» للأزمة اليمنية.
والمؤشّر الآخر على تروّي باكستان في اتخاذ أيّ قرار من شأنه أن يغضب جارها الإيراني، هو الإعلان، يوم أمس، عن زيارة سيقوم بها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى العاصمة الباكستانية يوم غدٍ الأربعاء، لبحث الوضع في اليمن.
ويشكّل الشيعة في باكستان حوالي 20 في المئة من عدد سكانها الذي يقدّر بمئتي مليون نسمة، ما يجعلها ثاني أكبر دولة للشيعة بعد إيران.
وفي هذا السياق، يحذّر النائب الشيعي سيد رضا آغا من «فهم المسألة بطريقة خاطئة، وأن تضطر باكستان للعيش مع عواقبها»، قبل أن يضيف، في تصريح لصحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، «أستطيع أن أرى مزيداً من سفك الدماء في حال قررنا أن نكون طرفاً في الحرب بين السنة والشيعة في الشرق الأوسط».
وإلى جانب آغا، ترفض بعض أحزاب المعارضة الباكستانية الانجرار الى حرب اليمن، ويحذّر «حزب العدالة» الذي يرأسه نجم الكريكيت السابق عمران خان، الحكومة من المشاركة في «عاصفة الحزم».
وتعرف باكستان جيداً أنّ الأزمة في اليمن تتخذ طابعاً قبلياً، وإن ارتدت ثوباً مذهبياً في الفترة الأخيرة، لذا فهي تسعى للاضطلاع بدور ديبلوماسيّ لحلّ الأزمة في اليمن، وفقاً لنواز شريف.
وعموماً، تبقى هناك علامات استفهام كبيرة حول قدرة «التحالف» السعودي التأثير على مسار الأحداث في اليمن، فسيطرة «أنصار الله» والجيش اليمني على عدن التي تسعى الحملة الجوية إلى منع سقوطها، والحفاظ عليها كعاصمة بديلة لـ «الشرعية»، ربما تدفع باتجاه إرسال قوات برية تشارك فيها دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والسودان وباكستان.
ولكن ثمة مصاعب كثيرة تحول دون دخول باكستان في تحالف عربي ضدّ إيران في اليمن، علماً بأن تاريخ العلاقات بين اسلام اباد والرياض يشهد سوابق في هذا السياق.
وتعود العلاقات العسكرية السعودية – الباكستانية إلى العام 1969 عندما قاد الطيارون الباكستانيون طائرات سعودية لمنع توغّل يمني إلى داخل أراضي المملكة. وأرسلت باكستان، في الثمانينيات، 15 ألف جندي إلى السعودية للمشاركة في حماية أراضي المملكة من الغزو العراقي. ويقال إنّ الرياض تبرّعت لإسلام آباد بالنفط بعد فرض العقوبات عليها في العام 1998 بسبب الاختبار النووي الذي أجرته، كما أنها استضافت نواز شريف بعد الانقلاب العسكري في العام 1999.
وفي ضوء الأزمة الحالية، كان لا بدّ من تأكيد دعم باكستان للمملكة النفطية، إّلا أنّ الدعم بقي في سياق الأقوال، لذا لا يُتوقع أن تقوم إسلام آباد بحشد قواتها على الحدود اليمنية.
وبرغم أنّ القنوات السعوديّة أشركت باكستان في عملية «الحزم»، مؤكدة أنّها أرسلت مقاتلات وبوارج حربية لتشارك في العمليات، الا ان البعض يرى ان هذه التقارير جزء من استراتيجية سعودية لإجبار باكستان على المشاركة، وفقاً للباحث في «معهد الشرق الأوسط» في واشنطن عارف رفيق، في مقال نشرته مجلة «فورين بوليسي».
ويرى رفيق أنّ هناك تردداً واضحاً داخل الحكومة الباكستانية بشأن المشاركة، ولا يعني هذا عدم دعم الحكومة السعودية، فموقف نواز شريف واضح، لكن ثمن مشاركة باكستان في التحالف السنيّ سيكون مرتفعاً جداً.
من هنا، تَميز الموقف الباكستاني من الحرب بالتردّد بين الدعم، والحرص على عدم المشاركة. ويفسر رفيق موقف شريف بأنّه محاولة لاستيعاب المطالب السعودية، وفي الوقت ذاته، تجنب اتخاذ إجراءات قد تؤدّي إلى استعداء إيران.
ويشير الكاتب إلى أنّ باكستان أعربت عن استعدادها لاستيعاب المطالب السعودية ولكن ضمن حدود. وفي العام 2014، وبعد سلسلة من الزيارات المتبادلة بين البلدين، حصلت باكستان على منحة سعودية بقيمة 1.5 مليار دولار، وصفت بـ «الهدية».
وكانت الهدية التي اعترفت فيها باكستان في وقت لاحق، سبباً في تخلّي إسلام آباد عن سياستها المحايدة من الأزمة السورية، داعية إلى تشكيل حكومة انتقاليّة في سوريا، ولاحقاً أرسلت مدربين باكستانيين، بطلب سعودي، لتدريب «المعارضة» السورية.
أما في حال قررت باكستان المشاركة في «التحالف»، فلدى إيران الكثير من الأوراق التي تستطيع أن تلعبها ضدّها، مثل مشروع خط الغاز الذي اتفق البلدان على إنشائه العام 2013. وينص الاتفاق على أن تنتهي باكستان من بناء الجزء المتعلق بها العام 2014، وقد يؤدّي هذا الفشل إلى غرامات مالية بالملايين.
وهناك ورقة أخرى، وهي تعاون إيران مع الهند لدعم القوى السياسية في أفغانستان المعادية لباكستان، إلى جانب الورقة الطائفية.
ومن هذا المنطلق، سيسعى نواز شريف إلى العمل على موازنة علاقاته الوثيقة مع السعودية بطريقة لا تؤثر على الجبهة الداخلية، إلى جانب الحفاظ على علاقاته مع طهران من دون توترات.