أخبار عاجلة

“ناشيونال إنترست”: ماذا لو غزا صدام حسين السعودية بدلا من الكويت؟

السعودية / نبأ – في تقرير لصحيفة "ناشيونال إنترست"، طرح الكاتب روبرت فارلي، فرضية لو كان صدام حسين قد غزا السعودية بدلا من الكويت، مشيراً إلى أنّ ثمة خشية كانت للولايات المتحدة في ذلك الوقت، من أن صدام حسين سيأمر جيشه بالتحرك جنوبًا إلى المملكة العربية السعودية.

وتسائل الكاتب عمّا إذا كان صدام سيحصل على فرصة أفضل لو أنه رفع من سقف رهانه إلى الأعلى منذ البداية، وأمر قواته بغزو المملكة العربية السعودية؟

عندما غزا العراق الكويت، توقع مسؤولون أمريكيون تحرك صدام بتجاه الرياض. ماذا لو فعل ذلك؟

في أوائل أغسطس عام 1990، نفذ الجيش العراقي عملية مدروسة بدقة للاستيلاء على واحتلال الكويت. وكانت القوات العراقية قد أصبحت فتاكة على نحو متزايد في السنة الأخيرة من الحرب العراقية الإيرانية، ونحت جانبًا المقاومة الكويتية دون صعوبة تذكر.

وما حدث بعد ذلك معروف جيدًا؛ اعتقد العراقيون أن الولايات المتحدة وحلفاءها سوف يبتعدون عن مواجهة عسكرية مباشرة حول مستقبل الكويت. وقامت إدارة بوش بجمع تحالف هائل من القوات، وأخرجت العراقيين من الكويت بدون سقوط الكثير من الضحايا.

ولكن في ذلك الوقت، خشي كثيرون في الولايات المتحدة من أن صدام حسين سيأمر جيشه بالتحرك جنوبًا، إلى المملكة العربية السعودية. وفي وقت لاحق، بدا إعطاء الولايات المتحدة الوقت لحشد جيش ضخم في المملكة العربية السعودية وكأنه تصرف خاطئ من قبل القيادة العراقية. والسؤال هنا هو: هل كان صدام سيحصل على فرصة أفضل لو أنه رفع من سقف رهانه إلى الأعلى منذ البداية، وأمر قواته بغزو المملكة العربية السعودية؟

تمهيد الطريق

على الرغم من أن إدارة بوش والجيش الأمريكي لم يتوقعوا الغزو العراقي للكويت؛ إلا أنهم لم يكونوا سيصابون بالدهشة لو أتبعت القوات العراقية ذلك بغزو المملكة العربية السعودية.

وقد ركز التخطيط للطوارئ في الساعات والأيام التي تلت الهجوم العراقي على إمكانية حدوث التصعيد. وكان الرد الأمريكي الأولي سيتضمن نشر الأصول الجوية في المنطقة، وكان من المحتمل أن يلي ذلك نشر قوة صغيرة محمولة جوًا.

وبشكل ملاحظ، لم يتوقع قادة الولايات المتحدة أنه سيكون لدى القوات البرية فرصة لوقف الحربة المدرعة العراقية، على الرغم من أن قادة الجو كانوا متفائلين جدًا في البداية حول إمكانية تعطيل القدرات اللوجستية العراقية.

معركة الجو والأرض

خلال الحرب الباردة، غالبًا ما تنافس الجيش وسلاح الجو حول تقرير الاستراتيجيات المناسبة لهزيمة قوات العدو. وبفضل القادة في ذلك الوقت، لم تظهر هذه التوترات على الفور في أعقاب الغزو العراقي. وكان الجنرال نورمان شوارزكوف بالأصل قلقًا من أفكار سلاح الجو بوقف، وربما دفع القوات العراقية إلى الوراء.

ولكن، الصراع بين القيادة الجوية التكتيكية والقيادة الجوية الاستراتيجية برز ضمن سلاح الجو. ومنذ السبعينيات، وضع “صعود الجنرالات المقاتلين” طياري المقاتلات من أصحاب التفكير التكتيكي في موقع المسؤولية عن الخدمة.

وركز هؤلاء القادة على قدرة القوة الجوية على العمل مع القوات البرية، وساعد نفوذهم في تسهيل تطوير معركة الأرض-جو، وهو أسلوب المناورة الهجومية الذي كان من المفترض أن يستخدمه الجيش الأمريكي ضد السوفييت في أوروبا الوسطى. وقد نتج “صعود الجنرالات المقاتلين” جزئيًا عن تغير الأجيال، ولكنه جاء أيضًا كنتيجة لعدم الرضا واسع النطاق حول الكيفية التي تركت من خلالها هيمنة القيادة الجوية الاستراتيجية SAC القوات الجوية غير مستعدة لحرب فيتنام.

وقد أرادت القيادة الجوية التكتيكية TAC شن سلسلة من الهجمات على الخدمات اللوجستية للجيش العراقي، من أجل إبطاء زحف هذه القوات إلى المملكة العربية السعودية. وكانت هذه الفكرة تبدو سليمة؛ وتقول باتخاذ خطوات لهزيمة القوات الميدانية للعراقيين قبل أن يتمكنوا من تحقيق أهدافهم العسكرية والسياسية.

ولكن SAC، والتي اتخذت المقعد الخلفي منذ حرب فيتنام، كان لديها أفكارها الخاصة. وكان اللفتنانت كولونيل جون واردن قد كتب مخطوطة بعنوان “الحملة الجوية”. وأراد واردن، وهو أحد المساهمين الرئيسيين في المدرسة الكلاسيكية الجديدة للقوة الجوية، شن هجوم أوسع نطاقًا بكثير ضد العراق، أشار إليه بمفهوم “خمسة خواتم”.

وقال واردن إن الهجمات ضد القوات الميدانية، حتى على مستوى الخدمات اللوجستية، كانت مضيعة للقدرات الحقيقية لسلاح الطيران. وأضاف أنه بدلاً من ذلك، يجب على القوات الجوية الأمريكية التركيز على الأهداف المرتبطة بالنظام العراقي، وذلك في محاولة لتقويض قدرة حكومة حسين على التواصل مع القوات المسلحة والحفاظ على السيطرة على سكانها.

وأوصى واردن أيضًا بعدم شن الهجمات المباشرة على القوات العراقية على الأرض؛ حيث إن هذه القوات ستكون ضرورية لإعادة السيطرة على البلاد بعد سقوط صدام حسين.

وفي هذه الحالة، يكاد يكون من المؤكد أن الهجوم على الخدمات اللوجستية للجيش العراقي كان سيجمد أي تقدم لهذا الجيش في المملكة. ولم تكن القوة الجوية العراقية لتكون قادرة على مواكبة القوة البرية بشكل كاف لهزيمة جهد الولايات المتحدة.

وأما من الناحية الأخرى، فكان قرار التركيز على النظام العراقي سيترك السيطرة على مساحات كبيرة من المملكة العربية السعودية بيد العراقيين، حتى في الوقت الذي أملت فيه الولايات المتحدة بظهور تصدعات في حكومة صدام حسين.

قدرات الجيش العراقي

هل كان الجيش العراقي يستطيع الدخول إلى المملكة العربية السعودية؟ إلى المناطق الحدودية الشمالية، ربما. إلى الداخل، ربما لا.

لقد كان لدى الجيش العراقي خبرة قليلة في العمل لمسافات بعيدة وعبر تضاريس غير معروفة، وكان معظم القتال في الحرب العراقية الإيرانية قد وقع على طول منطقة صغيرة نسبيًا من الحدود. وتوفير قوة مدرعة كبيرة بمتطلبات الوقود والذخيرة الضخمة ليس بالمهمة السهلة. وكانت الغارات الجوية الأمريكية، وحتى السعودية، ستعقد إلى حد كبير مهمة اللوجيستيات العراقية الصعبة أساسًا.

وأظهرت الحرب بين إيران والعراق أيضًا أن العراقيين لم يمتلكوا الكثير من القدرة على الارتجال. واعتمدت الهجمات الناجحة من العام الأخير من الحرب، وأيضًا في غزو الكويت، على تخطيط تفصيلي حذر للغاية، وبروفات ثابتة، واستخبارات جيدة.

وهكذا، لم يكن لتكون هناك فرصة كبيرة بأن تستطيع القوات العراقية شن هجوم ناجح على المملكة العربية السعودية دون تخطيط مسبق. وقد فهم حسين وكبار القادة هذا، وهو ما قد يكون أحد أسباب عدم تفكيرهم كثيرًا بغزو كامل للمملكة العربية السعودية.

دبلوماسية

وتحت قيادة جورج بوش وجيمس بيكر، استطاعت الولايات المتحدة بسرعة تجميع تحالف ساحق من الحلفاء الإقليميين والعالميين. وتمتع هذا الائتلاف بنجاح كبير في الأمم المتحدة أيضًا؛ بسبب عدم رغبة الاتحاد السوفييتي بالاعتراض عليه بشكل أساسي.

ولو أن العراق تبع غزو الكويت بغزو المملكة العربية السعودية، لكان من الممكن أن نتوقع نمو التحالف بشكل أكبر، وتطوره بسرعة. وربما الأهم من ذلك، هو أن الحجة لإزالة نظام صدام حسين من السلطة كانت ستنمو لتصبح أقوى بكثير. ولقد كان بين العراق والكويت نزاع دبلوماسي شرعي في عام 1990، ولكن وسائل حسين في حل هذا النزاع كانت مفرطة في حدتها. وأما بالنسبة للسعودية، فلم يكن لدى العراق سبب لمحاربتها.

النتيجة

من الصعب أن نتخيل نتيجة أسوأ للعراق من مسار حرب الخليج. ومع ذلك، لو كان العراق قد قرر أن يأخذ الحرب إلى المملكة العربية السعودية من خلال الغزو المباشر؛ لكان ذلك قد أسفر ربما عن تدمير شبه كامل للقوات العراقية الموفدة. وبالاقتران مع رد فعل دبلوماسي أكثر عدائية من رد الفعل الناجم عن غزو الكويت، كان سيكون هناك ربما زخم دبلوماسي كبير لإنهاء نظام صدام حسين وقتها.

ويبقى السؤال عما إذا كان إنهاء نظام صدام حسين في ذلك الوقت سيكون ذا نتائج أفضل مما كان عليه في عام 2003، سؤالًا مفتوحًا. وقد كان تحالف حرب الخليج لعام 1991 أوسع نطاقًا بكثير من تحالف عام 2003.

ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت دول مثل مصر وسوريا ستجد حينها أي مصلحة في دعم القوات الأمريكية والبريطانية في احتلال طويل الأمد وإعادة إعمار للعراق. وخاصةً مع استمرار إيران في لعب دور المفسد، كان ما بعد حرب عام 1991 سوف يكون ربما مماثلًا إلى حد كبير لما حدث بعد غزو عام 2003.

المقالة تعبر عن رأي الصحيفة / الكاتب، وهيئة التحرير غير مسؤولة عن فحواها