السعودية/ نبأ- كشف المحلل في مجلة "فوربس" الأمريكية ناثان فاردي، في مقالة بعنوان "ما الذي جنته السعودية مقابل الـ 50 مليار دولار التي دفعتها في الحرب النفطية؟"، والتي سلط فيها الضوء على إصرار الرياض على عدم خفض مستويات انتاج الخام وتداعيات ذلك على الاقتصاديات الكبرى المنتجة للنفط.
وقال المحلل، ان المملكة السعودية اعتزمت في أكتوبر من العام 2014 ، السماح لأسعار النفط بالهبوط ولن تخفض مستويات الانتاج لدعم أرتفاع أسعار العام. ومنذ ذلك الوقت، انفقت الرياض قرابة الـ 50 مليارات دولار من احتياطها الأجنبي للحفاظ على عقدها الاجتماعي المحلي في مواجهة إيرادات النفط المنخفضة.
لقد وضعت السعودية خزائنها لخدمة هذا الغرض في مسعى منها لحماية حصتها السوقية وحض كل من الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط " أوبك" وكذا الدول غير الأعضاء في المنظمة إلى تقليص مستويات الانتاج النفطي.
لكن ما الذي اشترته السعودية بالـ 50 مليارات دولار فاتورة الحرب النفطية التي أشعلت فتيلها؟ إن السياسية التي تنتهجها المملكة جنبا إلى جنب مع وفرة المعروض النفطي وتباطؤ النمو الاقتصادي العالمي قد هوى بأسعار مزيج خام برنت القياسي العالمي من 115 دولار للبرميل في يونيو 2014 إلى نحو 45 دولار للبرميل في يناير.
لكن سعر الخام عاد ليرتفع مجددا في أبريل، مسجلا قفزة هي الأعلى على أساس شهري في ست سنوات، حيث يتم تداوله الأن عند 66 دولار للبرميل.
ولا يختلف أحد على الحقيقة التي مفادها أن سياسة الرياض النفطية ألحقت الضرر بإقتصاديات الدول الكبرى المنتجة للنفط أمثال روسيا وإيران.
فـ روسيا التي دخلت بالفعل في ركود اقتصادي وتشهد عملتها المحلية " الروبل" هبوطا حادا، أعلنت مؤخرا عن دخولها في مشاورات " غير مسبوقة" مع أوبك، لكن لا يلوح في الأفق حتى الأن أن مسألة خفض الانتاج مطروحة على الطاولة.
وبالمثل، تحاول إيران أن تجد سبيلا لزيادة صادراتها النفطية عبر التحرر من العقوبات الغربية المفروضة عليها عبر اتفاقية نووية مع القوى الست الكبرى.
ومن غير المرجح حتى أن تغير دول أوبك أهدافها الخاصة بمستويات الانتاج خلال الاجتماع المقبل للمنظمة المقرر له في الـ 5 من يونيو المقبل.
إن الهبوط الحاد في أسعار النفط قد حال دون تحقيق صناعة النفط الأمريكية أيضا أية أرباح هذا العام بل وتكبدت العديد من الشركات خسائر ليست بالطفيفة.فقد كشفت شركة " إكسون موبيل" مؤخرا عن خسائر بقيمة 52 مليون دولار في أنشطتها المتعلقة بالنفط والغاز في الربع الأول من 2015.
ومع ذلك، فإن تنوع أعمال الشركة قد عوض تلك الخسائر وحققت " إكسون موبيل" عائدات في الفترة ذاتها، حتى وإن قلت عن مثيلتها عن عام سابق.
وحتى الأن، اعلنت ثلاث شركات نفطية أمريكية فقط إفلاسها وهي " كويكسيلفر ريسورسيز" و " سامسون ريسورسيز" و " سابين أويل أند جاز".
في غضون ذلك، يظل المخزون النفطي الأمريكي عند مستويات مرتفعة مسجلا 490 مليون برميل، لكن البيانات الأخيرة تشير إلى أن نمو المخزون الأمريكي يبدأ في التراجع، علما بأن أوبك تتوقع أن تصل مستويات الانتاج النفطي الأمريكية إلى اعلى مستوياتها، على أن تقل خلال الشهور المتبقية من العام الجاري.
وفي الوقت ذاته، مارست السعودية ضغوطا على الرمال النفطية الكندية. وتصدر كندا نفطا بمعدل 3.1 مليون برميل يوميا- وهو المعدل الذي سيستمر في الزيادة بالنظر إلى عنصر التكلفة الكبير والثابت والطبيعة طويلة المدى للكثير من مشروعات الرمال النفطية.
وتكبدت " سوكور إينرجي"، أكبر شركة نفطية في عموم كندا واللاعب الرئيسي في مجال الرمال النفطية، خسائر بأكثر من 40 مليون دولار في الربع الأول من 2015، فضلا عن إرجاء بعض مشروعات الرمال النفطية.
إن الاحتياطي النفطي الأجنبي للمملكة العربية السعودية يُقدر قيمته بنحو 708 مليار دولار، ويواجه العاهل السعودي الملك سلمان عبد العزيز عجزا في الموازنة بما لا يقل عن 40 مليارات دولار هذا العام ومن الممكن أن يتسع هذا العجز ليصل إلى 100 مليارات دولار، بحسب ما ورد في تقرير لصحيفة " الفاينانشيال تايمز" البريطانية.
ومع ذلك، يبدو حتى الأن أن الرياض عازمة على الإبقاء على مستويات الانفاق في مسعى لتأكيد هيمنتها على أسواق الخام العالمية.