نبأ – تتصاعدُ فصول قضية المسؤول الاستخباري السعودي السابق، سعد الجبري، كواحدة مِن أكثر الملفّات دلالة على تشابُك الفساد السياسي والمالي في منظومة الحكم السعودي العابرة للحدود.
فالرجل الذي كان يومًا مُهندس التعاون الأمني مع الولايات المتحدة الأميركية، يقفُ اليوم في مواجهةٍ مباشِرة مع وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان، بعد اتهاماتٍ باختلاس مليارات الدولارات مِن أموال مشاريع أمنية سرية. ومِن كندا، حيث يعيش في منفًى، يحاول الجبري إعادة تعريف روايته عبر القضاء الأميركي، مطالبًا مسؤولين أمنيّين سابقين بالإدلاء بشهاداتهم لدَحض التُهَم ضدّه، ما يكشف عن تداخُلٍ بين الأمن القومي الأميركي والمصالح السعودية، لكنّ وزارة العدل الأميركية سارعت لاستخدام ما يُسَمّى بــ”امتياز أسرار الدولة”، مانِعَةً الكشْفَ عن معلوماتٍ قد تُحرج حلفاءها في الرياض.
القضية، وإنْ ظهرَت كنزاعٍ ماليّ، إلّا أنها تحملُ مواجهةً بين رجلٍ كان في قلب السلطة وأُقصيَ حين تغيّر ميزان القوّة داخل العائلة الحاكمة مِن آلِ سعود. فتاريخ الجبري مع ابن سلمان يُعيد إلى الأذهان سلسلةَ التصفيات السياسية التي طالت خصومه، مِن إقصاء ابن عمّه محمد بن نايف إلى اغتيال الصحافي جمال خاشقجي. وفي خلفية المشهد، ورقة أسرار تُشَكّل تهديدًا بالكشْف عن وثائق قد تفضح علاقاتٍ مالية وأمنية حسّاسة بين الرياض وواشنطن.
في المقابل، تحاول السعودية حصر القضية في إطار قانونيّ بحْت، متّهِمَةً الجبري بالفساد. غير أنّ تعدُد الساحات القضائية، يُبرز طبيعة الصراع كمعركة نفوذ تتجاوز الأفراد إلى صورة النظام نفسه أمام العالم.
ومع اقتراب المحاكمة الكندية، يبدو أنّ الجبري يُعيد سرد التاريخ الأمنيّ للمملكة، بينما يواصل ابن سلمان بناء رواية مُضادة. وبين الروايتين، يُعاد تعريف حدود الفساد السعودي في زمنٍ تُدار فيه الأسرار، بميزان السياسة، لا القانون.
قناة نبأ الفضائية نبأ