نبأ – جمع رئيس الهيئة العامة للترفيه في السعودية تركي آل الشيخ عددا من نجوم الفن السوري في الرياض بمشهد وصفه بـ “الودي”، قبيل انطلاق موسم الرياض بنسخته الحالية. الحدث لم يكن مجرد لقاء ودي بل كان مشهدا سياسيا يرتدي قناع الدراما.
نحو ثلاث ساعات من الصور والابتسامات والمجاملات، انتهت بتصريحات لآل الشيخ عن مفاجآت قادمة، لكنها في جوهرها تحمل دلالات تتعلق بالهيمنة الثقافية والاختراق السياسي للوعي العربي عبر بوابة الفن خاصة أن الاجتماع ضم أيضا ممثلين كانوا يُعبرون في السابق عن مواقف معادية أو ناقدة للسعودية.
منذ صعوده في المشهد السعودي، يسعى تركي آل الشيخ لتصدير نموذج الترفيه الشامل بوصفه عنوان المرحلة الجديدة في المملكة. غير أن هذا المشروع لا يكتفي بإعادة التشكيل المجتمعي داخل السعودية، بل يتمدد ليضع يده على مفاصل الإنتاج الفني في العالم العربي. فبعد تجربة فاشلة في مصر ومحاولة تطويع الفن المصري، يبدو أن البوصلة تحولت نحو سوريا، البلد الذي أنجب واحدة من أهم الصناعات الدرامية في الوطن العربي.
اللقاء جمع أسماء لامعة في تاريخ الدراما السورية مثل دريد لحام ومنى واصف وياسر العظمة وتيم حسن، إلى جانب وجوه شابة تبحث عن فرص في سوق الإنتاج السعودي. غير أن الصورة التي أراد آل الشيخ تسويقها عن حبّ السعودية للفن السوري تخفي خلفها مشروع السيطرة على الوعي الثقافي العربي عبر المال، وتحويل الفنان من حامل رسالة إلى موظف في ماكينة ترفيه تُدار من الرياض.
الدراما السورية، التي شكّلت لعقود مساحة للوعي النقدي والذاكرة الجمعية، تمرّ اليوم بمرحلة ضعف اقتصادي وسياسي جعلت كثيراً من صُناعها عرضة للإغراءات المالية. فيظهر المال السعودي كمنقذ لكنه في باطنه يحمل معه شروطه، إفراغ الفن من مضمونه النقدي، واستبدال الالتزام الوطني بخطاب ترفيهي مفرغ من الهموم الإنسانية والاجتماعية والسياسية.
وعليه، لا يمكن فصل توجه آل الشيخ عن السياق الأوسع الذي تسعى فيه السعودية إلى استخدام القوة الناعمة لتلميع صورتها أمام العالم، على غرار التبييض الرياضي، بعد سلسلة من الانتقادات الحقوقية. فالفن بالنسبة لتركي آل الشيخ ومن خلفه النظام الحاكم في السعودية لم يعد وسيلة للتعبير أو المقاومة، بل أداة لإنتاج صورة مفبركة عن دولة تسعى لتصدير نموذجها الجديد القائم على الترفيه والابتعاد عن السياسة، في وقت تُهمّش فيه القضايا الكبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
قناة نبأ الفضائية نبأ