نبأ – في أول زيارة له إلى واشنطن منذ سبع سنوات، أعلن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان من البيت الأبيض، مساء الثلاثاء، رغبته في المضي نحو تطبيع العلاقات مع اولكيان الإسرائيلي والانخراط في “اتفاقيات أبراهام”، مشترطا، بصورة شكلية، وضوح الطريق نحو “حل الدولتين” المزعوم وإقامة دولة فلسطينية، وهو طرح يُعتبر جزءا من لغة دبلوماسية مكرّرة تستخدمها الرياض لتمرير خطوات التطبيع دون التزامات سياسية حقيقية تجاه الفلسطينيين.
وجاءت تصريحاته وسط استقبال احتفالي من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي بدا حريصا على إعادة تسويق شراكته مع الرياض رغم الانتقادات الحقوقية الواسعة.
وافتتح ترامب اللقاء بإشادة وقحة بسجل ولي العهد في مجال حقوق الإنسان، متجاهلا الجرائم الموثقة دوليا وتصاعد وتيرة الإعدامات، خاصة بحق القاصرين. ورفض ترامب سؤالا حول مقتل جمال خاشقجي عام 2018، قائلا إن الصحفي السعودي المعارض كان مثيرا للجدل للغاية، معتبرا أن إثارة الموضوع في اجتماعه مع ولي العهد السعودي يهدف إلى إحراج زائره.
وتوجه للصحفي الذي طرح الموضوع قائلا: “أنت تذكر شخصا مثيرا للجدل للغاية. كثير من الناس لم يُعجبهم ذلك الرجل الذي تتحدث عنه. سواء أحببته أم لا، تحدث أمور، لكنه لم يكن يعلم شيئا عن ذلك، ويمكننا أن نكتفي بهذا القدر”.
وأضاف ترامب: “الأمور تحدث”، مُصرًّا على أن بن سلمان الذي أكدت وكالة الاستخبارات الأميركية أنه أمر بالقتل، لم يكن متورطا.
وتابع: ” ولي العهد لم يكن يعلم شيئا عن الأمر، ويمكننا أن نترك الأمر عند هذا الحد. لا داعي لإحراج ضيفنا بطرح سؤال كهذا”.
إلا أن ابن سلمان برر الجريمة قائلا إنها كانت خطأ كبيرا، مدعيا أن التحقيقات السعودية كافية، رغم أن المنظمات الحقوقية الدولية تعتبر ما جرى تسترا ممنهجا على الجناة الفعليين.
كما أعلن محمد بن سلمان زيادة الاستثمارات في الولايات المتحدة من 600 مليار دولار إلى تريليون دولار، في خطوة يتبدو أنها محاولة لتقوية النفوذ السياسي في واشنطن وشراء الغطاء الأميركي لنظام يواجه انتقادات واسعة.
من جهته، كرّر ترامب نيته بيع مقاتلات “إف-35” للرياض، رغم اعتراضات إسرئيلية ومخاوف أميركية من احتمال تسرب التكنولوجيا الحساسة إلى الصين. وأعلن أن الجانبين اتفقا على “شراكة دفاعية”، في إطار سعي الرياض للحصول على ضمانات أمنية مشابهة لتلك التي مُنحت لقطر. كما يجري التحضير لاتفاق حول التعاون النووي .
وتسعى السعودية كذلك للحصول على رقاقات متقدمة لدعم مشاريع الذكاء الاصطناعي التي يروّج لها ابن سلمان ضمن خطته الاقتصادية “رؤية 2030.”
وترافق التقارب السياسي الرسمي مع استمرار العلاقات التجارية الخاصة بين عائلة ترامب والرياض، عبر استثمارات ضخمة في مشاريع عقارية مرتبطة بالرئيس الأميركي السابق وصهره جاريد كوشنر، رغم نفي ترامب وجود أي تضارب مصالح.
الزيارة، التي غُلّفت بالاستعراضات العسكرية والوعود الاستثمارية، عكست استمرار اعتماد واشنطن على ثروات السعودية، وتجاهلها الملف الحقوقي والجرائم السياسية للنظام، مقابل حصول الرياض على دعم سياسي وتسليحي يمهّد لخطوات تطبيع مع “إسرائيل” لا تحظى بقبول شعبي أو إسلامي.
قناة نبأ الفضائية نبأ