نبأ – تمثّل علاقة السعودية مع رئيس الفترة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع مؤشراً على تحوّل نوعي في طبيعة النفوذ السعودي داخل البلاد، من الهيمنة العسكرية غير المباشرة خلال سنوات الحرب إلى هيمنة مدنية سياسية واقتصادية تتقدّم اليوم بغطاء دولي، وكان آخرها تقديم الرياض مليون برميل من النفط استلمتها دمشق عبر ميناء بانياس، وهي الدفعة الثانية والأخيرة لدعم اقطاع الطاقة السوري.
في العودة إلى الوراء، وخلال حقبة الحرب السورية، اتُّهمت الرياض كما تشير تقارير ودراسات سياسية عدة بتمويل وتسليح جماعات متطرّفة، بما في ذلك داعش وجيش الإسلام والجبهة الإسلامية السورية وغيرها، وقد ثبت هذا التورّط من خلال تسريبات تقارير غربية ومسؤولين أميركيين كشفوا أن السعودية موّلت صفقات لشراء أسلحة كرواتية، وأوصلتها بطرق سرّية إلى من سمّوا أنفسهم آنذاك بـ “الثوار” في درعا. كما اتهمت تقارير أخرى جهاز الاستخبارات العامة السعودي بأنه شارك في تسليح المعارضة السورية وتمويلها. وعلى الصعيد الدبلوماسي، في 2014، اتهمت الحكومة السورية السابقة السعودية بأنها توفر الإمكانيات المالية والعسكرية واللوجستية لتوحيد صفوف مجموعات مسلحة.
مع انتقال الشرع إلى السلطة، تغيّر المشهد. فالرجل، الذي ارتبط اسمه سابقاً بتنظيمات إرهابية، بات جزءاً من منظومة إقليمية دولية تقودها الولايات المتحدة. هذا التحوّل جعل الشرع قناةً سياسية جديدة لتعزيز الحضور السعودي في سوريا، لا عبر التمويل العسكري هذه المرة، بل عبر أدوات “القوة الناعمة”: الاستثمار، وإعادة الإعمار، وشبكات التجارة، والحضور الدبلوماسي. فهل سيقبل الشعب السوري أن يثق بمن قدم له الدعم المشروط بيد ويأخذ استقلاله باليد الأخرى كما تفعل الرياض؟
قناة نبأ الفضائية نبأ