أخبار عاجلة

اللعبة السعودية الكبرى .. ولي العهد يراهن على ألعاب الفيديو لشراء ولاء الشباب وسط أزمات حقيقية

نبأ – قالت صحيفة واشنطن بوست إن السعودية تكثّف السعودية اندفاعها نحو السيطرة على قطاع ألعاب الفيديو العالمي، في خطوة تندرج ضمن سياسات ولي العهد محمد بن سلمان الهادفة إلى إعادة تشكيل الاقتصاد والمجتمع عبر بوابة الترفيه، وسط انتقادات لطبيعة هذه الاستثمارات وجدواها في ظل تحديات داخلية تعصف بالمجتمع السعودي.

ووبحسب الصحيفة الأميركية، تُقدّر قيمة صناعة ألعاب الفيديو عالميا بما يتراوح بين 200 و300 مليار دولار، أي أنها تفوق صناعات السينما والتلفزيون والموسيقى مجتمعة. وفي إطار مساعيها المعلنة لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، تسعى المملكة إلى اقتطاع حصة وازنة من هذا القطاع سريع النمو، عبر استثمارات ضخمة تقودها الدولة من أعلى هرم السلطة.

وفي هذا السياق، أُعلن هذا الشهر عن تنظيم مؤتمر دولي واسع لصناعة الألعاب تحت اسم “Kingdom of Gaming”، من المقرر عقده في الرياض العام المقبل، في خطوة تعكس طموح ابن سلمان لتحويل المملكة إلى مركز عالمي للألعاب والرياضات الإلكترونية. ويأتي ذلك في وقت يُعرف فيه ولي العهد بشغفه بألعاب الفيديو، وهو ما تحوّل من اهتمام فردي إلى سياسة دولة كاملة.

التحول الأبرز جاء في سبتمبر/أيلول الماضي، عندما أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي، بالشراكة مع جهات من بينها شركة استثمار أسسها جاريد كوشنير، صهر الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عن صفقة للاستحواذ على شركة “إلكترونيك آرتس» مقابل 55 مليار دولار. وإذا ما أُنجزت الصفقة، المتوقعة مطلع عام 2027، فستُعد واحدة من أضخم عمليات الاستحواذ في تاريخ صناعة الألعاب.

وتُضاف هذه الصفقة إلى سلسلة استثمارات سابقة، إذ أنفقت مجموعة “سافي غيمز”، المدعومة من صندوق الاستثمارات العامة، نحو 1.5 مليار دولار في عام 2022 للاستحواذ على شركتين رئيسيتين في قطاع الرياضات الإلكترونية. ووفق تصريحات سابقة للمجموعة، فإنها باتت تسيطر على نحو 40% من هذا القطاع عالميا.

ويرى مراقبون أن الاستحواذ على «إلكترونيك آرتس» يمنح المملكة نفوذًا واسعًا في صناعة تمتد من الألعاب الحربية مثل «باتلفيلد» إلى الألعاب الرياضية المرتبطة بكرة القدم والفورمولا 1 وفنون القتال المختلطة، وهي مجالات ضخّ فيها الصندوق السيادي السعودي استثمارات هائلة خلال السنوات الأخيرة، ما يعكس توجها نحو بناء منظومة ترفيهية مترابطة تخدم تلميع الصورة التي يسعى النظام لتصديرها. غير أن هذه الصفقات الباهظة تثير تساؤلات جدية، خصوصا في ظل تقارير تتحدث عن تقليص الإنفاق أو تعثّر مشاريع كبرى أخرى ضمن “رؤية 2030″، سواء في مجالات ما توصف بالمدن العملاقة أو التنمية الاقتصادية.

وتثير هذه الاندفاعة من دون حساب، وضخ المليارات في قطاعات ترفيهية دعائية، التساؤل بينما لا تزال قضايا البطالة، وغياب الحريات، والتفاوت الاجتماعي دون حلول حقيقية.

وبينما تُسوّق هذه الاستثمارات على أنها موجهة للشباب، الذين يشكلون نحو 71% من سكان المملكة دون سن 35 عاما، وفق تعداد 2022 في ظل وجود أكثر من 23.5 مليون لاعب في السعودية. فإنها تبدو محاولة لشراء الولاء السياسي عبر الترفيه، بدل فتح المجال أمام المشاركة السياسية أو الإصلاحات داخل المجتمع، لا سيما فيما يتعلق بالحريات والتعبير عن الرأي.

كما ان تركيز محمد بن سلمان على صناعة الترفيه، ومنها ألعاب الفيديو، يندرج ضمن سياسة “الإلهاء المنظم”، الهادفة إلى تحييد أي معارضة داخلية.

وفيما تواصل المملكة تقديم نفسها كقوة صاعدة في الصناعات الإبداعية، يبقى السؤال مطروحا حول ما إذا كانت هذه الاستثمارات الضخمة تمثل تنمية حقيقية ومستدامة، أم مجرد واجهة تخفي أزمات سياسية وحقوقية واقتصادية لم تجد طريقها بعد إلى المعالجة.