في مفارقة صارخة تعكس الفجوة بين الخطاب الديني الرسمي وواقع القمع السياسي، حذر خطيب المسجد الحرام، عبدالرحمن السديس، في خطبة الجمعة اليوم، مما وصفه بـ “أشنع أنواع الظلم”، مشيرا إلى ظلم العباد في الدماء والأموال والأعراض.
واعتبر السديس أن هذه المظالم تشوبها أشواك دامية تقضي بصاحبها إلى الهاوية، مستشهدا بالأحاديث النبوية حول حرمة دم المسلم وماله.
تأتي هذه المواعظ في وقت اعتبر عام 2025 العام الأكثر دموية في تاريخ المملكة الحديث، مع تسجيل رقم قياسي غير مسبوق في جرائم القتل من قبل النظام تجاوز 350 حالة إعدام.
وبينما كان السديس يتحدث عن “الأشواك الدامية” لظلم الدماء، كانت عوائل في القطيف لا تزال تلملم جراحها عقب تنفيذ أحكام القتل بحق 3 شبان من القطيف، بتهم فضفاضة وتحت غطاء “مكافحة الإرهاب”، في محاكمات وصفتها منظمات دولية بأنها تفتقر لأدنى معايير العدالة وتعتمد على اعترافات انتُزعت تحت التعذيب.
أما عن “ظلم الأموال” الذي حذر منه، فيبدو أن وعظه لم يجد طريقا إلى قرارات السلطة التي استمرت طوال عام 2025 في ممارسة التهجير القسري بحق آلاف المواطنين. ففي مدينتي جدة وتبوك، تواصلت عمليات هدم الأحياء ومصادرة الممتلكات لصالح مشاريع “رؤية 2030″، حيث طُرد السكان من منازل أجدادهم وصودرت الأراضي لفسح المجال لمشروع “نيوم”، وسط حملة اعتقالات طالت كل من تجرأ على المطالبة بحقه في البقاء أو التعويض العادل.
استمرار توظيف المنبر المكي لتسويق العموميات الأخلاقية، في حين تشرعن المؤسسة الدينية بصمتها أو بتبريراتها سفك الدماء ومصادرة الحقوق، يضع “وعظ” السديس في خانة الاستهلاك الإعلامي الذي يهدف لتلميع صورة النظام لا لمحاسبة الظالم الحقيقي.
قناة نبأ الفضائية نبأ