السعودية / نبأ – (خاص): إلى أقصى حد تبدو السعودية جذلة بما سمي "مؤتمر عمان لدعم الثورة وإنقاذ العراق" الذي انعقد يومي الخامس عشر والسادس عشر من يوليو الجاري في العاصمة الأردنية. وبحسب ما تبثه وتنشره الأبواق الإعلامية التابعة للمملكة؛ فإن المؤتمر يعتبر خطوة كبيرة في اتجاه إضفاء الشرعية على الثورة العراقية وتخليصها من وصمة الإرهاب. إدعاءات تكفي تصريحات المشاركين في اللقاء العماني وحدها لدحضها.
مؤتمر عمّان الذي عُقد لدعم ما يُسمّى بالثورة في العراق؛ لم ينعقد أملا في تحقيق أهداف عسكرية وسياسية غير متواضعة، كل ما أرادته العاصمة الهاشمية تعبيد الطرقات بينها وبين سنة العراق وضمان استبعاد أحمد الجلبي المغضوب عليه أردنيا من أي منصب مستقبلي. غايات يبدو واضحا أنها حظيت بمباركة أمريكية وتأييد خليجي غير محدود.
هكذا تلقفت السعودية أنباء المؤتمر واجتهدت في تحويلها إلى تباشير قوة هيكيلية وتنظيمية ستسرع الإعتراف الدولي بشرعية ما تسمى ثور ة العشائر العراقية. لم يحسب آل سعود حساب التناقضات السافرة الكفيلة بدحض أية مزاعم من هذا النوع. عدد كبير من المشاركين في المؤتمر اعترفوا بأن تنظيم الدولة الإسلامية هو الفاعل الأبرز في الميدان، معتبرين أنه لولاه لما وجدوا أنفسهم مرفوعي الرؤوس على حد تعبيرهم، ومؤكدين أنهم لن يقاتلوا داعش لأن أهدافهم مشتركة.
وبقول فلول البعث والجماعات النقشبندية والفصائل الإسلامية بما فيها الجيش الإسلامي المرتبط بالأمن السعودي إنهم سيستولون على بغداد ويسقطون النظام السياسي في الأسابيع المقبلة استبشرت المنابر السعودية، قول يبدو أبعد ما يكون عن الواقع العراقي المتجه إلى الحلحلة، إذ تسارعت خلال الأيام والساعات الماضية المعطيات المفيدة بأن العراق قد يخرج قريبا من عنق الزجاجة وأن تسوية سياسية لم تعد بعيدة المنال كما كانت في بدايات الإجتياح الداعشي.
الإنفصام تجلى كذلك في لاءات المؤتمر العماني الأربعة، إنفصام وجد فيه آل سعود ضالتهم المفضلة، سرعان ما بدأوا يعزفون على أنغامه. لا للطائفية، لا لتقسيم العراق، لا للهيمنة الإيرانية، لا للميليشيات بما فيها الصحوات. لاءات تتكفل تركيبة المؤتمرين نفسها بتفنيدها، كل الشخصيات التي هرولت إلى عمان من لون مذهبي وسياسي واحد، عدد المشاركين انخفض إلى مئة وخمسين من أصل ثلاثمئة وخمسين بعدما أصر أصحاب المؤتمر على استبعاد المتعاونين مع الصحوات والمشاركين فيما أسموها العملية السياسية الطائفية، وعلى مخاطر التدخل الإيراني دون التدخلات الأمريكية والسعودية والأردنية والإماراتية ركز المجتمعون.
لا أمل إذا في أية عدالة أو خطوة عقلائية أو مبادرة سياسية منصفة يمكن أن ينتجها لقاء عمان، بالشكل وبالمضمون كان هم إنقاذ العراق وإيصاله إلى بر الأمان غائبا، وحدها اللغة الطائفية التقسيمية طغت على المشهد، لغة لا تصب إلا فيما يدعي آل سعود وأتباعه محاربته: إقليم سنستان، وإذا انقسمت بلاد الرافدين فعليها السلام ولحكام الممالك والإمارات جني الثمار.