السعودية / نبأ – (خاص): تكثف المملكة السعودية اتصالاتها السياسية في اليمن لتشكيل تحالف واسع ضد جماعة أنصار الله عقب سيطرة مقاتلي الأخيرة على محافظة عمران شمال البلاد، تحالف ليس الأول من نوعه. لطالما سعى حكام المملكة في تعزيز الإستقطابات وتعميق الإنقسامات على الساحة اليمنية وضرب أية حركة تحاول الخروج من العباءة السعودية. مساع لم تؤد على مر سنوات إلا إلى إضغاف اليمن وتكبيده خسائر فادحة على الصعد كافة.
من جديد تطل المملكة السعودية برأسها من اليمن، هي لم تغب أصلا، لكنها تحضر هذه المرة مباشرة تحت عنوان المصالحة بين أطراف الأزمة، بعد أيام قليلة على القمة التي جمعت الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس عبد ربه منصور هادي تحركت الديناميات السعودية على الأرض المثقلة بفقرها، بين الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وخلفه وحزب التجمع اليمني للإصلاح وزعماء آل الأحمر القادة التاريخيين لتجمع قبائل حاشد النافذة تحاول المملكة نسج ائتلاف عريض مهمته الحد من التمدد الحوثي.
لم يحتمل آل سعود تساقط التكفيريين في محافظة عمران، كما لم يحتملوا اقتراب جماعة أنصار الله من محافظة الجوف الحدودية مع السعودية، سرعان ما تناسوا خلافاتهم العميقة مع الإخوان المسلمين وإدراجهم الجماعة على لائحة الإرهاب وبادروا إلى إحياء التحالفات القديمة درءا لما يسمونه الخطر الحوثي. ليس الأمر جديدا، سبق للمملكة أن أججت نيران الحرب بين النظام اليمنيين وأنصار الله، ست حروب متتالية تولت السعودية حشد الإجماع السياسي عليها وتمويلها وإمداد طرفها الرسمي بالأموال والسلاح بل وبالمساندة الميدانية المباشرة. حروب كبدت اليمن مئات القتلى والجرحى وخسرته مئات ملايين الدولارات.
ولم تنته الحكاية، عقب العام ألفين وأحد عشر حرصت المملكة على إبقاء عوامل التفجير قائمة كاحتياطي سياسي وأمني يمكن استخدامه متى اقتضت الحاجة، رحل صالح وبقيت بطانته، تغيرت هيئة الحكم وتواصلت آلياته المتخلفة، إنتصرت الإنتفاضة المدنية ظاهرا واستمر الدعم الملكي لرجال القبائل. وفي خضم الموجة التي اجتاحت العالم العربي كان التكفيريون خير وسيلة لتغذية النزاعات، هكذا استقدم المقاتلون الأجانب إلى دماج وكتاف وغيرهما من المناطق وأوكلت إليهم مهمة ضرب الحوثيين، مهمة سيلت الدماء من جديد وألقت بثقلها على اقتصاديات اليمن الواقع في أزمة إنسانية خانقة وصفت بأنها من بين أسوأ الأزمات على مستوى العالم.
اليوم، تخشى المملكة اقتراب الحوثيين من مراكز النفوذ التقليدية المسؤولة عن إفقار البلاد وإضعافها، كما تخشى اقترابهم من المناطق النفطية الممنوع على اليمنيين استثمار خيراتها، خشية تشكل التحركات السعودية المستجدة أولى ترجماتها، وإذا كان التاريخ دليل المستقبل فإن سجل آل سعود في اليمن لا يبشر بخير على الإطلاق.