السعودية / نبأ (تقرير خاص) – لم تحتمل السعودية خطاب الرئيس السوري بشار الأسد، في الشكل وفي المضمون كان مستفزا لها، إمتعاض ترجمته الماكينة الدعائية التابعة لآل سعود بمطولات كلامية أظهرت حجم الإنزعاج الملكي واستهدفت تشويه صورة الرجل الذي بات في نظر كثيرين رأس حربة مواجهة الإرهاب.
بالمنطق، يحق للحكام السعوديين الحنق على الخطاب الرئاسي السوري، لم يخطر على بالهم ربما أن هذه اللحظة من عمر سوريا ستتكرر، وعود كثيرة أطلقوها حول تهاوي بشار الأسد في غضون أشهر، وعود لم يفلح إغداق السلاح والأموال والإرهابيين على الميدان السوري في تحقيقها، إنقضت أشهر سعود الفيصل وبقي الرئيس السوري في منصبه، كل ما في حفل تأديته القسم يغضب حكام الممالك والإمارات.
الإستعراض العسكري، ممازحات العنتريات والبندريات، توصيف أرباء بندر بن سلطان بالخونة، سقوط الدول التابعة المنقادة على أعتاب سوريا، فشل العدوان وأصحابه وأدواته، تواطؤ السعودية على فلسطين… كلمات مؤلمة حقا، أصابت آل سعود في الصميم، أكثر ما هيجهم تطاول الأسد على قامة عربية بحجم الملك عبد العزيز المؤسس على حد تعبير الأبواق الملكية، يا له من جرم! حتى لو لم يتحدث الرئيس السوري عن بيع فلسطين ذات يوم من أيام الدولة السعودية، مذكرات جون فيلبي ما تزال محفوظة في بطون الكتب، تكفي وحدها لإدانة من يسميها عشاق آل سعود القامة التاريخية.
ولا يعجب حكام المملكة حديث الأسد عن تصنيع الإرهاب ودعمه من قبل بعض الدول العربية، سرعان ما يشعرون أنهم أول المعنيين، وفي محاولة لدرء التهمة يركسون الرواية مباشرة، بشار الأسد هو من لاعب ثعابين الإرهاب ورباها منذ سنين. أية دعابة هي هذه؟ الغرب نفسه اعترف بأن دول الخليج أكثر الأطراف دعما للجماعات التكفيرية. ولا يفوت منابر آل سعود التذكير بمعزوفة القتل والتشريد وتمزيق النسيج الإجتماعي وتكريس الكراهية بين فئات الشعب السوري، معزوفة بات واضحا أنها ليست أكثر من ستار إعلامي للتغطية على تورط السعودية في سفك دماء السوريين وتأليبهم على بعضهم البعض وتدمير دولتهم.
يسخر إعلامُ المملكة السعودية وحكّامها من المظاهر الديمقراطية في سوريا وعملوا على ممارسة التنظير على نظام بشّار الأسد وفي كيفية تأدية اليمين الدستورية وصيانة القوانين، سخرية يفتضح أصحابها بمجرد نظرة بسيطة إلى الواقع، السعودية هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي لا يحكمها دستور مكتوب ولا حتى أعراف دستورية، دولة قائمة على التمييز الديني المذهبي ورفض الآخر أيا كان. ولا يرتدع المتملقون لآل سعود، يصرون على أن دول التخلف العربي كما وصفها الرئيس السوري هي أساس وحدة الأمة، لم تفن سجلات الوحدة السورية المصرية، ما برحت ناطقة باستماتة حكام الممالك في تخريب المشروع القومي.
وفي خضم الحرب الصهيونية على قطاع غزة يبدو مناسبا تطعيم الهجمات بنكهة فلسطينية، هكذا يصبح الأسد قاتلا للسوريين والفلسطينيين في آن وتصبح أقصى أمنيات الشعب السوري أن يتعامل معهم رئيسهم كما تتعامل إسرائيل مع القطاع. هذه هي معايير الحق والباطل في دولة آل سعود، إسرائيل العدو التاريخي أفضل من خصم سياسي عرضي وجرائمها لا تستحق الذكر مقارنة بما يقوم به رئيس دولة عربية دفاعا عن حدوده وسيادة بلاده. بالنتيجة خطاب الأسد مجرد كذبة، كل شيء مخالف لتوجهات الملوك كذب وتلفيق، حتى إسرائيل نفسها يمكن أن تغدو يوما ما وجودا وهميا إذا اقتضت المصلحة السعودية ذلك.