السعودية / نبأ (تقرير خاص) – تتوجّه أصوات المواطنون في المملكة إلى المقاومة في فلسطين ولبنان، في الوقت الذي يتحدث المسؤولون عن نكسة فلسطينيّة تتسبّب بها المقاومة، ما يعين إسرائيل على تحقيق أهدافها.
لا تكفّ الصّحافة الرّسميّة عن إنتاج المقالات والتّصريحات التي لا يجد الإسرائيليّون أفضلَ منها من أجل التّرويج لحربهم المُدمِّرة في غزّة.
هذا المشهد يكفي ليدفع كثيرين من أجل التأكيد على أنّ المملكة السّعوديّة لم تعد تُمارس المناورة أو الدّبلوماسيّة في حراكها الاستسلامي باتّجاه إسرائيل، وفي تطاولها غير المسبوق على المقاومة ومحاورها الممتدة في فلسطين ولبنان.
مراقبون يتوقفون عن السّر الذي يدفع السّعوديّة إلى هذا التدحرج السّريع نحو التّلاقي مع الإسرائيليين. وهو تدحرجٌ تتثاقله المملكة في أيّ مكانٍ آخر، ولا تُمارس ما يُشبهه مع جيرانها في قطر واليمن.
الأغلب أنّ المملكة تتّجه سريعاً نحو إستراتيجيّة اللّعب المفتوح. لم تعد اللقاءات السّريّة كافية، والمُخطّط التّدميري للمملكة، والذي أخذ مسار الثّورة المضادة؛ هذا المُخطّط وصل إلى مرحلة الإشهار، ومن خلال تصعيد ذروة التّلاقي السّعودي الإسرائيلي.
العقبة الأكيدة التي ستُواجه السّعودية هي الشّرائح الاجتماعيّة والوطنيّة داخل المملكة، والتي تحملُ في غالبها موقفاً وطنيّاً يؤكّد على المقاومة ضدّ المشروع الصّهيوني. وقد كانت السياسة السّعوديّة فيما مضى تعمل على تطويق هذه الشّرائح من خلال تدجين الفتاوى وفقهاء البلاط وتكليفهم بإصدار المواقف "الشرعيّة" التي تؤيّد سياسة المملكة ضدّ المقاومة. كما ترافق مع هذه السّياسة تلويح بالإجراءات الأمنيّة ضدّ أي مظهر من مظاهر التّضامن مع المقاومة. ولذلك كانت المملكة هي البلد الوحيد الذي لا يشهد تظاهرات "مرخّصة" للتضامن مع فلسطين، باستثناء تلك التظاهرات "المتمرِّدة" التي يقوم بها أهالي منطقة القطيف، والتي لا تتردّد السلطات في ملاحقتها متى ما سنحت لها الفرصة.
في كلّ الاتجاهات، المملكة مُقبلة على تغييراتٍ عبّر عنها مراقبون بأنّها تغييرات "صُلبة"، ستكون سبباً في كسْر كلّ الثوابت الوطنيّة والقوميّة من جهة، كما أنّها ستؤدي إلى صدمةٍ عنيفة تطال كلّ السّياج الأيديولوجي والجيوسياسي للسعوديّة ولحلفائها ولكلّ الذين يُرغمَون على أن تكون المملكة معبّرةً عنهم وعن انتماءاتهم الدّينيّة والمذهبيّة. وتلك هي الكارثة التي تلوح في أفق الخليج.