السعودية/ نبأ- حث الدكتور إحسان أبو حليقة، رئيس اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى السعودي سابقا، على ضرورة تكثيف الجهود التنظيمية والمحفزة من قِبَل الحكومة، لتسريع وتيرة التنوع الاقتصادي، مشيرا إلى أن الأمر بات أكثر أهمية للابتعاد عن مخاطر الاعتماد على النفط كمصدر اقتصادي رئيس، في ظل المخاطر التي تحدق به.
وقال الخبير الاقتصادي في حوار لصحيفة "الشرق الأوسط" السعودية: «إن تنوع الاقتصادي السعودي يعد المهمة الاقتصادية الأكبر، فهو استراتيجية ونمط سارت عليه الحكومات خلال العقود الماضية، غير أن الأمر حاليا يستلزم اختلافا نوعيا لتحقيق ذلك، بناء على معطيات جغرافية، في ظل توافر منشآت صغيرة وناشئة، وازدهار أنشطة متعددة».
وأضاف: «أعتقد أن تعزيز دور المنشآت الصغيرة والناشئة مدخل رئيس للتنوع الاقتصادي، إذ إنه على الرغم من نموها في الفترة الأخيرة، فإنها ما زالت خجولة ولا ترقى إلى مستوى التأثير في اقتصاد كبير كالاقتصاد السعودي».
ولفت أبو حليقة إلى أن تعزيز دور هذه المنشآت يحتاج إلى إنشاء هيئة لتمويلها، مبينا أن غياب مثل هذه الهيئة يضعف مساهمتها في المضي قدما نحو التنوع الاقتصادي، مؤكدا أن بنك التسليف بذل جهودا في هذا الاتجاه، غير أنه لا يرقى إلى حجم هذا القطاع وحجم الاقتصاد الكلي.
ودعا إلى أهمية تعزيز دور المنشآت الصغيرة والناشئة، وتشجيعها، وتمويلها، وإزالة جميع المعوقات التي تقف أمامها، بغية تحقيق هدف مزدوج للاقتصاد السعودي، من خلال المساهمة في تنويعه، مشيرا إلى أنه يعول عليها في هذا الصدد، مقرا بإحداثها فرقا في التنوع الاقتصادي خلال الثلاثين عاما الماضية، ولكنه يبقى دون الطموح.
وشدد أبو حليقة على ضرورة إزالة التشوهات في سوق العمل، فيما يتعلق بالبطالة بين السعوديين والسعوديات، وأنها مرتفعة، حيث تتجاوز العشرة في المائة، متفائلا بتحقيق آفاق أرحب لأن يسعى المواطنون للعمل لذواتهم عوضا عن البحث عن خيار واحد وهو البحث عن وظيفة لدى الآخرين.
وعاد فقال: «من غير المنصف القول إن الاقتصاد السعودي لم يحقق أي نجاحات في التنوع، ولكن المطلوب حاليا هو أن يدفع بوتيرة أسرع، بحيث يتضمن الكثير من الأنشطة التي يمكن أن تحقق مجتمعة تطلعا على المستوى الحكومي أو مستوى المجتمع».
ونوه بأن في ذلك تحوطا استراتيجيا من عواقب اضطرابات النفط، أو ظهور بدائل له، أو نضوبه، بالإضافة إلى أهمية إذكاء روح الريادة والرغبة في الارتقاء بالإنتاجية، ورفد المزيد من القيم المضافة لدى الجيل القادم من السعوديين، مشيرا إلى أن سياسة التنوع الاقتصادي قطعت شوطا، ولكنها تبقى بعيدة عن الهدف المنشود.
ولمح إلى دور القطاع الخاص في تعزيز ثقافة التنوع الاقتصادي على مدى العقود الأربعة الماضية، وأن مساهمته في الناتج الإجمالي المحلي بلغت 58 في المائة، غير أنه يعتمد على الإنفاق الحكومي، غير أنه يرى أنه مركز في جيوب محددة، في الوقت الذي تبرز فيه الحاجة الماسة إلى المساهمة في توسيع دائرة انتشار نشاطه في كل أنحاء البلاد.
ويعتقد أبو حليقة أن ذلك مكمن ضعف في القطاع الخاص، لأنه يعتمد في توفير الكثير من الخدمات بصورة مباشرة أو غير مباشرة على الإنفاق الحكومي، والأخير يعتمد على الإيرادات النفطية، ما يعني جلب النفط من الباب الخلفي.
وزاد: «عند النظر في الهيكل الاقتصادي السعودي، سنجد أن هناك الكثير من القطاعات التي ما زالت ضعيفة، في الوقت الذي تبرز أمامها فرص كبيرة للنمو، غير أنها غير مستغلة، بسبب غياب خطط مستقلة لتنميتها».
ولفت أبو حليقة إلى أن القطاع المالي ما زال قطاعا ضامرا، سواء على مستوى قطاع المصارف التجارية، أو الاستثمارية، أو أعمال العقار وغيرها، بالنظر إلى إمكانية الاقتصاد السعودي، مشيرا إلى أن قطاع السياحة من أكثر القطاعات ضمورا، إذ تضيف إلى الاقتصاد الوطني أقل من ثلاثة في المائة، على حد تعبيره.
وذكر أنه كانت هناك مبادرات كبيرة لتحقيق هذا التنوع الاقتصادي، ضاربا مثالا بالمنطقة الصناعية في الجبيل وينبع، مع السعي إلى إيجاد قاعدة صناعية خاصة بالصناعة التحويلية، باعتبارها الخيار الاستراتيجي للوصول إلى هذا الهدف، في ظل توافر مساحة للتوجه نحو الخصخصة، حيث صدر من المجلس الاقتصادي الأعلى ما يقر بذلك.
ونوه بأن الخصخصة تعني توسع دور القطاع الخاص، مبينا أن ذلك يتأتى بطرق مختلفة، منها إتاحة مزيد من الفرص للمجالات والقطاعات المختلفة، بعيدا عن القطاع العام، لافتا إلى أن الحكومة لا تمارس نشاطها الاقتصادي إلا في حدود الضرورة، عندما لا يستطيع القطاع الخاص ممارسة هذا العمل، إما نتيجة ضخامة الاستثمارات المطلوبة، وإما لارتفاع المستوى المطلوب من الإنتاجية.
وقال أبو حليقة: «مع زيادة الدلالات النفطية واحتياطات الميزانية العامة، برز الكثير من المشروعات الكبيرة ذات الطبيعة الاقتصادية البحتة، التي تحقق أرباحا، ويشارك فيها القطاع الخاص، وليست أحجامها كبيرة، غير أن القطاع العام يستحوذ على بعض هذه الأنشطة، ما يحد من تمدد القطاع الخاص».