السعودية/ نبأ- قالت صحيفة "الأخبار" اللبنانية، في تقرير للصحافي خليل كوثراني، أنه ومن جديد، طاول الإرهاب التكفيري أحد المساجد الواقعة في المنطقة الشرقية بالمملكة السعودية. متطوّعو لجان الحماية الأهلية نجحوا في تجنّب عدد أكبر من الضحايا كان متوقعاً لو قدّر للهجوم السير في تنفيذ العملية وفق المخطط
4 شهداء و18 جريحاً هم حصيلة الهجوم الذي استهدف مسجد الإمام الرضا في حي محاسن ارامكو بمحافظة الأحساء الواقعة وسط المنطقة الشرقية في السعودية. وفق رواية لشهود عيان، فإن الهجوم الإرهابي تم بواسطة 3 أشخاص، الأول انتحاري قام بتفجير نفسه عند مدخل المسجد، فيما تبعه الآخر بإطلاق النار على الموجودين قبل أن يتم إلقاء القبض عليه، أما المهاجم الثالث فقد تمكّن من الهرب.
وبحسب بيان وزارة الداخلية السعودية، فإن قوات الأمن «تبادلت إطلاق النار مع الانتحاريين اللذين حاولا دخول المسجد، فقام أحدهما بتفجير نفسه في حين قبض على الآخر وهو يرتدي حزاماً ناسفاً». وأضاف البيان أنه «تم ضبط حزام ناسف وسلاح رشاش بحوزة المقبوض عليه، وسلاح رشاش آخر بحوزة الانتحاري الذي فجّر نفسه بمدخل المسجد». وقال المتحدث باسم الداخلية، اللواء منصور التركي، إن رجال الأمن تمكنوا من رصد المهاجمين «أثناء توجههما إلى المسجد، وعند مباشرة رجال الأمن في اعتراضهما بادر أحدهما بتفجير نفسه في مدخل المسجد».
في رواية شهود عيان ما يدحض مزاعم الداخلية. مصادر أكّدت أن الشارع حيث المسجد المستهدف كان مغلقاً من قبل القوات الأمنية، كما هي الحال أسبوعياً، تزامناً مع أداء صلاة الجمعة. وعند سماع أفراد الأمن أصوات إطلاق الرصاص، لاذوا بالفرار في البداية. ما حدث وفق المصادر أن الإرهابي تسبّب عن طريق إطلاقه النار في قطع التيار الكهربائي، ما ساعد الموجودين على الاقتراب منه ونزع سلاحه والحزام الناسف الذي كان متزنراً به، ومن ثم تسليمه لقوات الأمن. تدعم هذه الرواية مقاطع الفيديو التي وثقت لحظة القبض على المهاجم الثاني، كما تظهر عبارات التشكيك في السلطات في أحد المقاطع. يؤكد الأهالي أن المهاجمين عددهم 3 وليس 2 فقط، ولم يعرف مصير الثالث الذي نجح في التواري عن الأنظار.
أما الانتحاري الأول فجرت عرقلة دخوله إلى باحة المسجد من قبل أفراد لجان الحماية الأهلية، ما أجبره على تفجير نفسه خارجاً. وهو ما جنّب المنطقة وقوع عدد أكبر من الضحايا. إلا أن الأسلوب الذي اتبعه المهاجمون في العملية، يظهر تخطيطاً مسبقاً يتوقع صعوبة اختراق حواجز اللجان الأهلية، ما دفعهم إلى التنفيذ بصورة تدريجية، يجري في بدايتها فتح الطريق أمام المهاجم الثاني، مع تفجير الانتحاري لحاجز اللجان. ما لم يساعد على نجاح خطط المهاجمين أنه في الوقت الذي كان فيه المهاجم الثاني يستعد لاقتحام المسجد بعد التفجير الأول، جرى إغلاق الباب الرئيسي من قبل متطوّعي لجان الحماية، ما اضطره إلى اختيار باب فرعي، قبل أن يفشل في استكمال هجومه لتسبّبه في انقطاع الكهرباء جراء إطلاقه النار في نواحي المسجد، ما سهّل على الأهالي مهمة إلقاء القبض عليه.
الشهداء الأربعة هم: حسين البدر، وفؤاد منصور الممتن ونجله محمد فؤاد الممتن، وماهر العبدالله.
ويعدّ الهجوم الخامس من نوعه الذي يستهدف المسلمين الشيعة في المنطقة الشرقية، إلى جانب هجمات أخرى تبنّاها تنظيم «داعش» على الدوام، واستهدف أحدها مسجداً للمسلمين من الطائفة الإسماعيلية في مدينة نجران، وآخر مسجد قوات الطوارئ في مدينة أبها جنوبي المملكة. وكان أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم «داعش» قد جدّد، في رسالته الأخيرة، دعوة أنصاره في «جزيرة العرب» إلى استهداف «الروافض» و«جند آل سلول»، في إشارة إلى القوات الأمنية التابعة للسلطات السعودية.
وأعربت مؤسسة الأزهر في مصر عن إدانتها الشديدة للهجوم الإرهابي، واستنكرت في بيان «الهجمات البغيضة التي تنتهك حرمات بيوت الله». من جهته، وصف مفتي مصر المهاجمين بـ«الملعونين في الدنيا والآخرة». وأضاف الشيخ شوقي علام: «المتطرفون يسعون إلى نشر الفتنة لتدخل المنطقة بأسرها في أتون الحرب التي ستقضي على الأخضر واليابس»، وحثّ مفتي الديار المصرية الشعب السعودي على «الوقوف صفاً واحداً أمام دعاة الفتنة والمحرضين عليها، ليقطعوا الطريق على هؤلاء المفسدين في الأرض».
وقد خرجت جملة من المواقف المستنكرة للاعتداء الذي وُجّهت أصابع الاتهام فيه إلى تنظيم «داعش». اللافت من بين هذه المواقف ما ورد في بيان للأمانة العامة لهيئة كبار العلماء التابعة للنظام السعودي، تعليقاً على هجوم الأحساء، «أهابت» فيه الهيئة «بأهل العلم والفكر والرأي أن يكثفوا من بيان الكلمة عن هذا الفكر الإرهابي الخطير على الأمة في دينها ووحدتها ومقوماتها لدفع شرّه والتحذير منه ومن المنتسبين إليه». البيان أتى على مسافة ساعات من زيارة «الشيخ سعد البريك» (المتدرج في جملة مؤسسات الوهابية الرسمية في المملكة) إلى الأحساء، حيث وقف ليجدّد التحريض التكفيري بحق المسلمين الشيعة، وفق الخطاب المتبنّى رسمياً من المؤسسة الدينية السعودية، على رأسها هيئة كبار العلماء نفسها.