السعودية / نبأ – نشر الكاتب البريطاني ديفيد غاردنر مقالاً في صحيفة “الفاينانشال تايمز” تناول فيه العلاقات الأيديولوجيّة التي تربط بين تنظيم داعش والسّعوديّة، حيث يذهب غاردنر بأنّ التّنظيم الإرهابي المذكور هو “نتاج طبيعي” للعمليّات التّرويجيّة التي تقوم بها السّعوديّة لنشر الفكر الوهّابي، ومنذ عقود طويلة ماضية.
يسترجع غاردنر حقبة الحرب الباردة وتقسيم يوغسلافيا، حيث شنّت السّعودية حينها ما يصفها الكاتب ب”الغزوة الوهّابيّة” على مناطق البلقان، وعملت خلالها على بناء المدارس الدّينيّة والمساجد المختصّة بترويج الأفكار التكفيريّة المستقاة من الأيديولوجيا الوهّابيّة، وهو ما أدّى – مع الوقت – إلى تحوّلٍ في الثقافة المحليّة في تلك المناطق، والتي كانت معروفة بالثقافة الدّينيّة القريبة من الإسلام الصّوفي التركي، ليحلّ محلّها النّمط الوهّابي الرّاديكالي، والتي شكّل الأساس التّمويني لتنظيمات داعش وأخواتها.
بحسب غاردنر، فإنّ السّعوديّة لا تُصدِّر النّفط فقط، بل هي تقوم أيضاً بتصدير “المتطوّعين الجهاديين” الذين يحملون عقائد متشدّدة. يشير غاردنر إلى أن السّعوديّة حرصت منذ البدء على حماية نفسها من الاتّهامات بأنّها تقف وراء هذه الجماعات، ولذلك فهي عمِدت إلى سياسةٍ تُتيح لها الابتعاد بمسافات مناسبة عن هذه المجموعات التي تقوم برعايتها بكلّ السّبل.
يؤكّد غاردنر بأنّ المشكلة الحقيقيّة التي تواجِه السّعودية من جانب التنظيمات التكفيريّة تكمن في المواضع التي تُظهِر فيها السّعوديّة افتراقاً سلوكيّاً عن عقيدتها المتطرّفة، وهي العقيدة التي تتلاقى فيها مع تلك التنظيمات.
وبمعزل عن الدّلائل الخاصة بدعم السعودية المباشر لداعش، وغيره، فإنّ غاردنر يعتمد على حقيقة أنّ السّعوديّة هي المصدر الأساس، والأول، للتّعصّب المذهبي، وهو ما يعني أنّ كلّ الممارسات التي تقوم بها التنظيمات التكفيرية، ومنها داعش، إنما تفعل ذلك من وحي النّتاج العقيدي المتعصّب الصّادر من السّعودية، وهو ما يوضّح السّبب في أن السّعوديين هم أبرز العناصر المنتشرة بين هذه التنظيمات، حيث يجدون أن الخطاب السّائد حول “تفوّق أهل السّنة” مشجّعاً للانخراط في تلك التنظيمات والقتال تحت ظلالها.
يذهب غاردنر إلى أنّ هناك كارثةً كبيرة محدقة بالعرب في الوقت الرّاهن، وأنّ الوضع القائم يتطلّب “قياداتٍ سنيّة” لديها القدرة على مواجهة الإرهاب والتّصدّي للبؤر التي تصدّره، ويختم الكاتب بأن السعودية غير مؤهّلة للقيام بهذه المهمة الإنقاذيّة، وذلك لأن داعش – وما شابهها – هي جزءٌ لا يتجزأ من تكوين المملكة ذاتها.
(نبأ / البحرين اليوم)