السعودية / نبأ – تتوالى المواقف والتصريحات الرسمية في المملكة لإعلان البراءة والمواجهة ضدّ التنظيمات الإرهابيّة، وهي مواقف ابتدأت مع كلمة للملك عبد الله في أوّل الشهر الجاري، لتتلوها مواقف من السلطة الدينية في المملكة، وذلك بعد ما قيل عن هجوم رسمي على رجال الدين الذين تكاسلوا في مواكبة الدعوة الملكية المناوئة للتطرف المذهبي.
ووصل صدى هذه المواقف إلى مفتي المملكة التي أصدر قبل أيام بياناً بهذا الشأن، وتحدّث فيه عن ضرورة الاعتدال والتسامح الديني، وأعلن بوضوح غير مسبوق هجومه على الأفكار المتطرفة والأعمال الإرهابية التي يقوم بها تنظيم داعش معتبرا إياه امتدادا للخوارج وغريبة على الإسلام.
وأعقب ذلك مواقف شبيهة للمفتي ندّد فيها بالدعوات للقتال خارج المملكة. وهي مواقف جاءت بالتزامن أيضا مع بيان لمجلس الوزراء رحب فيه بالعقوبات الدولية ضد تنظيمي داعش وجبهة النصرة، حيث وضع مجلس الأمن عددا من الشخصيات الخليجية في القائمة السوداء بتهمة تمويل الارهاب، وبينهم سعوديون وكويتيون.
وكانت الرياض تبرعت مؤخرا بمئة مليون دولار لمركز الامم المتحدة لمكافحة الارهاب في نيويورك، وذلك في ظل مساعٍ حثيثةٍ من المملكة لإثبات صدق مواقفها المناوئة للإرهاب والجماعات التي تقف وراءه.
مراقبون يؤكدون أن هذه المواقف والإجراءات المكثفة من جانب المملكة، تعكس قلقا جديا سعوديا من خطر قوات تنظيم داعش، وذلك بعد ان تمكنت الأخيرة من التهام مدن ومناطق شاسعة في العراق وسوريا مؤخرا، حتى اصبحت دولة الخلافة التي اعلنها ابوبكر البغدادي تمتد على بقع شاسعة تزيد عن بريطانيا في مساحتها.
وقد عبّر أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله عن هذا الموقف، حينما أكّد أنه واثقٌ من خشية السعودية من هذه التنظيمات، إلا أنّه أشار في الوقت نفسه إلى أن أصل الدّاء موجود داخل المملكة، مشيراً إلى الأفكار المتطرفة التي تتواجد في الخطاب الديني الرسمي وفي المناهج التعليمية.
وبناءا على ذلك، فإنّ المعنيين بهذا الملف، يشيرون إلى مأزق سعوديّ حقيقيّ في ظلّ فشلها المزمن في إنتاج إجراءات أمنية وقانونية وسياسيةٍ قادرة على مكافحة الإرهاب الناتج عن التطرف الديني، وهو ما يتطلب بحسب هؤلاء البحث عن مقاربةٍ شاملة تستهدف اقتلاع الجذور المحلية لثقافة التكفير.
ورغم قيام الحكومة بتوجيه وسائل الاعلام وكتّاب الاعمدة داخل السعودية وخارجها، وشنّ حملة واسعة ضد أفكار داعش وأخواتها، إلا أنّ بقاء المؤسسة الدينية الرسمية على حالها، ومن غير أن يطالها الإصلاح الجذري، يجعلُ كلّ تلك الخطوات بلا جدوى، وهو ما يدفع كثيرين إلى التشكيك أصلاً في جدّية المملكة في محاربة الإرهاب، لاسيما وأنّ السلطات الرسمية لم تُعلن حربها على كلّ الجماعات الإرهابية، ومنها جبهة النصرة التي لم ترِد في تصريحات السياسيين والدينيين السعوديين.
( تقرير: سهام علي)