أخبار عاجلة
استفزت السعودية مصر بعزمها إنشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي، التي تعتبر امتداداً لحدود الأمن القومي المصري

القاهرة تفترق عن خط الرياض نحو موسكو: سبع ملفات / أزمات

شكّل الاجتماع الثلاثي في موسكو لبحث مستقبل سوريا بوصلة جاذبة لمصر لتلتحق بركب التفاهمات الدولية على مكافحة الإرهاب والبحث عن حل سياسي بعد انتهاء الحرب، والاستغناء عن لهجة التصعيد ضد سوريا، الأمر الذي توافق مع ما تحدث عنه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.

سناء إبراهيم

يبدو أن القاهرة ماضية في اتجاه محور روسيا وإيران، حاملة لواء مكافحة الإرهاب، ودعم الحل السياسي في سوريا، وهو ما تمثل بمخرجات الإجتماع الثلاثي الذي انعقد على الأراضي الروسية يوم الأربعاء بين موسكو وأنقرة وطهران، وتناول المستجدات على الأرضي السورية.

قلب اجتماع موسكو موازين التفاهمات خاصة بعد ما جرى على الأراضي التركية، من حادثة اغتيال السفير الروسي في أنقرة، التي لعبت دوراً في بث الخوف في نفوس الساسة الأتراك من توقف خط تطبيع العلاقات بين البلدين، غير أن الاجتماع الثلاثي اكتمل.

وأكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن “الحل السياسي هو الأفضل” في سوريا، وأنه “يجب التركيز عليه لأنه سيكون حاسماً لمستقبل سوريا”، وأعلن هذا الموقف التركي صراحة عن انضمام أنقرة إلى المحور المساند للحكومة السورية، والخروج من المحور الموال للجماعات المسلحة، الذي تدعمه السعودية والولايات المتحدة سابقاً.

ويرى مراقبون أن معركة حلب استطاعت قلب موازين القوى في الأزمة السورية خاصة، حيث بدّلت أنقرة ثوب الحرية والثورة في سوريا وارتدت ثوب محاربة الإرهاب، مخفّضة من لهجتها الحادة ضد الرئيس السوري بشار الأسد، وهي اللهجة التي يتبعها المحور الخليجي السعودي القطري خاصة، أكان في المواقف الدولية، وهو ما برز بتقديم قطر مشروع قرار مجلس الأمن لمحاسبة ما وصفتهم بمجرمي الحرب في سوريا، وهو القرار الذي لم يلاقِ ترحيباً في القاهرة.

لا شكّ أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ينحو في اتجاه مصالحة إقليمية في ضوء تغيير سياسة واشنطن مع تولي الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب منصبه في شهر يناير/كانون الثاني 2016م، حيث أعلن مراراً عن نيته لمكافحة الارهاب، والبحث في حل سياسي في سوريا، ما يزيد الشرخ في علاقاته بالدول الخليجية، السعودية خاصة.

يشي مشهد التحالفات الجديدة بأنه يصبّ في محور التوافق بشأن تطورات الأزمة السورية. ورأى مراقبون في التوافقات الاقليمية هذه، من مصر والمحور الثلاثي فضلاً عن ترامب اتجاه مستقبل سوريا، أنه يشكل خسارة حتمية للرياض والدوحة في رهانهما على مستقبل سوريا.

انقسام حاد

شكل العراق واليمن وأثيوبيا وجيبوبي، ودول أخرى غير سوريا، محطات في إشعال فتيل الأزمة في العلاقات بين مصر والسعودية، ما يشي بأن السيسي يسير عكس التيار السعودي تحديداً، وليس الخليجي نحو روسيا، إثر تباين وجهات النظر بينهما في عدد من القضايا الإقليمية المحورية. ولعل هوة الخلافات التي انطلقت من تباين ثنائي حول مشكلات اقتصادية بين البلدين، بدأت تتسّع وتتحوّل إلى أزمات بين العاصميتن، فيما تداخلت تأثيرات قضايا الدول العربية، وهو ما سمح لمصر بالسير في اتجاه مصالحها في مختلف المحاور الدولية والإقليمية.

العراق

اتجهت الأيادي المصرية لتخط دورها في قضية محورية في بلاد الرافدين، وهي خطوة من الممكن أن تشكل استفزازاً للسعودية حيث ينحصر دورها في بغداد، بل توجه لها أصابع الاتهام في دعم الإرهاب المنتشر في الموصل، إذ شدد السيسي، خلال لقائه وزير الخارجية العراقية إبراهيم الجعفري، على وقوف مصر إلى جانب العراق في مكافحة الإرهاب. وبحسب المتحدث باسم الرئاسة المصرية علاء يوسف، فإن السيسي أكدّ على “رفض التدخل في الشؤون الداخلية للعراق، والتصدي لجميع محاولات بث الفرقة والانقسام بين أبناء الشعب العراقي من مختلف المذاهب والأعراق”. وأوضح يوسف أن الجانبين “ناقشا خلال اللقاء مواضيع عدة متعلقة بسبل تطوير العلاقات المصرية العراقية، وكذلك بعض القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك”.

أثيوبيا

تفتح هذه القضية الباب على مصراعيه أمام خلاف جديد بين المملكة وبلاد النيل، منطلقاً من زيارة أحمد الخطيب، مستشار الملك سلمان بن عبد العزيز، الى السد، ما يطرح جملة من التساؤلات عن أسباب الزيارة وأهدافها، ليتبين أن الخطيب بحث إمكانية توليد الطاقة المتجددة من السد، فضلاً عن اتفاقه مع رئيس الوزراء، هيلي ماريام ديسالين، على تشكيل لجنة مشتركة للتعاون بين البلدين في مجال الطاقة، وفق ما كشفت تقارير إعلامية، مضيفة أن ديسالين دعا السعودية إلى دعم مشروع سد النهضة ماديا والاستثمار في إثيوبيا، مؤكداً رغبة بلاده في التعاون مع المملكة في مجالات الطاقة.

وأشار مراقبون إلى أن الخطوة السعودية هذه تنمّ عن محاولة الرياض للانتقام من القاهرة من أقرب نقطة ممكنة، ولعل سد النهضة يشكل مادة ذات حساسية لمصر، فقد شكّلت المفاوضات والاتفاقات حول السد مواقف ومراحل عصيبة بالنسبة إلى مصر وأثيوبيا والسودان أيضاً. ولا يمكن تفسير مجيء السعودية في هذا الوقت لتستثمر في أثيوبيا إلا بأنه خطوة كيدية سعودية لتوجيه صفعة إلى القاهرة بسبب مواقفها الأخيرة المتعلقة بالتصويت لمصلحة مشروع قرار روسي في مجلس الأمن حول سوريا، أو لجهة ما أشيع عن استقبال القاهرة للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح بشكل سري، ناهيك عن التوترات بين البلدين بسبب جزيرتي تيران وصنافير.

جيبوتي

وعند حدود القارة الأفريقية، فمن المتوقّع أن يمثل إنشاء قاعدة عسكرية سعودية على أراضي جيبوتي فتيلاً جديداً لإشعال الأزمة، حيث أثارت غضب القاهرة على اعتبار أن تلك المناطق محسوبة على نفوذ دبلوماسي مصري، يقع في نطاق أمنها القومي، باعتباره عمقاً استراتيجياً مصرياً في أقصى الجنوب، وتولي السعودية أهمية ملموسة لعلاقاتها مع جيبوتي نظراً للموقع الجغرافي لهذه البلاد وقدرتها على تسهيل تنفيذ عمليات العدوان في السواحل اليمنية الممتدة من ميدي في حجة إلى الخا في تعز.

اليمن

شاركت الأزمة في اليمن في استعار حدة الخلاف بين مصر والسعودية بعيداً عن المشاركة الخجولة للأولى في العدوان على اليمن، إذ دعت لجنة في البرلمان المصري إلى إيقاف العدوان على الرغم من مشاركة مصر عسكرياً في تحالف العدوان، وهي الخطوة الأولى لدولة منضوية في إطار التحالف العربي تطالب بوقف العدوان، بل تناشد بمعالجة الوضع الإنساني هناك.

إيران

لعب التقارب الإيراني المصري دوره في اتساع الهوة في الخلاف بين البلدين، فبعد إقدام الرياض على وقف شحنات “أرامكو” النفطية إلى القاهرة، كثر الحديث عن اتجاه مصر نحو إيران لتأمين حاجاتها من الذهب الأسود، إلا أن الرياض دفعت بدول الخليج منها الإمارات والكويت لقطع الطريق في اتجاه طهران، وعقد اتفاقات مع مصر لتزويدها بالمواد النفطية.

تيران وصنافير

سبق أن ولّد التنازع على ملكية جزيرتي تيران وصنافير دوره الأبرز في خلق الخلافات بين مصر والسعودية، في حين كان هذا الاتفاق ينم عن وجود علاقات قوية بين البلدين ، وكانت تعد من بين الاتفاقات الأهم التي تم التوقيع عليها بينهما، إلا أنّ غالبية اتفاقاتهما باستثناء المشاريع المرتبطة بالأزهر التي تم تنفيذ معظمها، قد توقفت، بحسب مصدر دبلوماسي. وكان ضمن الاتفاقات كذلك مضاريع الإسكان في سيناء، والطاقة النووية، وتجنب الازدواج الضريبي، فضلا عن ستة مذكرات تفاهم في قطاعات أبرزها الكهرباء، والتجارة، والصناعة، إلى جانب ثلاث برامج للتعاون بين البلدين.