أنهت الدائرة الأولى في المحكمة الإدارية العليا المصرية الجدل بين القاهرة والرياض حول ملكية جزيرتي تيران وصنافير معلنة بطلان الاتفاقية التي كان قد تم توقيعها خلال زيارة الملك سلمان إلى مصر في أبريل/نيسان 2016م.
تقرير دعاء محمد
تيران وصنافير مصريتان. توصلت المحكمة الإدارية العليا في مصر إلى هذا القرار الحاسم ملغية الإتفاق الذي أبرم في شهر أبريل/نيسان 2016م وتنازلت فيه القاهرة عن الجزيرتين لمصلحة الرياض.
وشهدت قاعة المحكمة أولى احتفالات بالقرار القضائي، حيث ارتفعت هتافات “مصرية مصرية”، أي أن الجزيرتين مصريتين حكماً، كما أنشد الحاضرون في الجلسة النشيد الوطني المصري. واعتبر العضو في فريق المحامين المصريين الرافضين لاتفاقية ترسيم الحدود خالد علي أن تيران وصنافير “أهم قضية في تاريخ القضاء الإداري وأنها فريدة من نوعها، حيث أن الحكومة أرادت أن تتنازل عن أرض الوطن فيما رفض الشعب”.
وأنهى القرار المصري شهوراً من الجدل حول ملكية الجزيرتين اللتين تزعم الحكومة المصري أنهما سعوديتان، وأنهما كانت خاضعتان للإدارة المصرية. في المقابل علت، أصوات رافضة لها واعتبرت أنها عملية بيع للأرض مقابل مساعدات سعودية أقرها الملك سلمان خلال زيارته الماضية.
وتوقع مراقبون أن يؤجج القرار المصري الأزمة بين البلدين التي ارتفعت وتيرة حدتها خلال الأشهر القليلة الماضية، والتي لم تنجح وساطات خليجية عدة في الحد منها. ونقلت وسائل إعلامية عن مصادر مطلعة قولها إن ولي ولي العهد محمد بن سلمان اشترط تنفيذ الإتفاق قبل إتخاذ أية خطوة نحو تصحيح العلاقات مع مصر، حيث أنه كان يريد زيادة أسهمه من خلال السيطرة على أراض جديدة.
إضافة إلى ذلك، وضع مراقبون مشروع الاتفاقية في الأجندة السياسية الأكثر ديناميكية التي تحاول السعودية إتخذاها، إلى جانب التحوّل في البيئة الأمنية السعودية.
وبعد رفع القضاء المصري علم بلاده على جزيرتي تيران وصنافير، أُعلنت نهاية الجدل حول ملكيتها وطرحت علامات إستفهام حول الرد السعودي ومستقبل العلاقات المهتزة بين البلدين.
“إسرائيل” الخاسر الأكبر
ومع الإعلان عن القرار، أكدت معلومات أن الرياض وجهت إنذاراً قاسياً إلى الحكومة في القاهرة حمله وفد عسكري رسمي يطالب بتنفيذ الاتفاق فوراً، وإلا فإن عليها مواجهة عقوبات قاسية. وطرح التهديد القاسي اللهجة تساؤلات حول الأهمية جزيرتي تيران وصنافير بالنسبة إلى الرياض، خاصة أن المطالب بالملكية أتت بعد عقود من ملكية مصر لهما، كما أنهما محميتان طبيعيتان.
وبعيداً عن المكاسب السياسية السعودية وتوسيع نفوذها البحري، اتجهت الأنظار إلى العدو الإسرائيلي المحاذي للجزيرتين والذي أكد مراراً إهتمامه بمضيق تيران، وقدر صرح وزير دفاع العدو موشيه يعلون منذ سطوع قضية الجزيرتين أن تل أبيب لا تعارض انتقال ملكيتها إلى السعودية، خاصة أن المسؤولين في الرياض أكدوا التزامهم بالمعاهدات الدولية التي تسمح لإسرائيل بإستخدام الممرات البحرية ومنها كامب ديفيد.
وبحسب مراقبين، فإن الموافقة الإسرائيلية على نقل الملكية على الرغم من التقارب الحالي مع النظام المصري، يُظهِر أن إسرائيل تريد ممراً بحرياً آمناً طويل الأمد تكون السعودية طرفاً فيه، بعيداً عن أي تغيرات محتملة في مواقف القاهرة.
وتعيد قضية الجزيرتين فتح ملف المشروع الإسرائيلي الذي أعلنت عنه حكومة الاحتلال في عام 2012م والذي يهدف إلى فتح طريق بري بين البحرين الأحمر والأبيض المتوسط، وهو البديل عن الحلم بإقامة قناة إسرائيلية بحرية تنافس قناة السويس.
في الظاهر، خسرت السعودية رهانها في السيطرة على تيران وصنافير، أما ما وراء ذلك فمشاريع بين الدول خفيت وتذهب المؤشرات إلى أنها عظيمة.