فصل جديد من الجرائم تمارسه السلطات السعودية على أهالي “حي المسوّرة” في العوامية يظهر إلى العلن. اتضح تدمير السلطات للحيّ التراثي والقضاء على أهله بإقرارٌ منها، يحمل تهديداً صريحاً بالقتل من دولة لمواطنيها.
تقرير بشير الخويلدي
يبدو أن السلطات السعودية مصرة على ارتكاب المزيد من الحماقات في الداخل والخارج. إذ أن الأحداث المتتالية والمتصاعدة في المنطقة الشرقية للسعودية تثبت أن أصحاب القرار الذين دمروا بيوت اليمنيين على أهلها لايختلفون عن أسلافهم، الذين عاثوا في أرض الجزيرة العربية، فساداً وقتلاً وتدميراً. فمجزرة تربة الطائف الشهيرة ليست بعيدة عن مجازر أهل ذمار وتعز وصنعاء اليمن وغيرها.
وأمرت وزارة الداخلية السعودية، يوم الإثنين 6 فبراير/شباط 2017، بلدية القطيف بتوزيع نموذج حمل عنوان “إقرار” تضمّن طلباً من أهالي “حي المسوّرة” بالعوامية للامضاء على إخلاء مسؤولية الدولة عند قيامها بهدم الحي على ساكنيه في حال عدم مغادرتهم، وهو ما يُعدّ تهديداً صريحا بالقتل من دولة لمواطنيها.
أبدى سكان هذا الحي الأثري معارضتهم لهدمه والعبث بتراثهم وتاريخ آبائهم، بعدما أثبتت المعطيات كذبة مشاريع التطوير. تلجأ سلطات آل سعود بعد قيامها بقطع الخدمات الحياتية عنه خلال شهر يناير/كانون الثاني 2017 إلى إطلاق التهديدات بالقتل علانية، ما يعد تطوّراً خطيراً لا ينبغي السكوت عليه.
وتبدو عبارات التهديد بالقتل والهدم واضحة في نموذج الإقرار التلي من السلطات: “إن البلدية أو المحافظةأاو الجهات الأخرى سواء الأمنية أو الخدمية ، تخلي مسؤوليتها من تبعات عدم إخلاء العقار ، وماينتج عن الهدم من آثار مادية وبشرية، وفي حال عدم الامتثال أكون عرضة للمسائلة القانونية”.
هذا ما يلخص الإجراء السعودي الأخير في التعاطي مع المواطنين في بلدة العوامية، حيث وصفه مراقبون بـ”جنون الهستيريا” الذي يصيب أصحاب القرار السعودي، فكيف يعقل أن يطلب من الأهالي التصديق على قتلهم وتدمير بيوتهم؟ وهذا ما يعكس تخبط ترجمته سياسة القمع والانتهاكات بحق الضعفاء.
ولعل أكثر ما يستحضر لنا هذا الإقرار من التاريخ السعودي، هو العبارة الشهيرة التي يرددها التكفيريون اليوم: الدم الدم .. الهدم الهدم.