السعودية / نبأ – أخضعت المحكمة الإدارية في المنطقة الشرقية 18 موظفاً في الشؤون الصحية للمحاكمة، على خلفية قضية «فساد مالي وإداري»، متهم فيها مفتشانِ (علاجي وفني)، وأطباء وفنيو صيدلة، إضافة إلى موظفة، تمت بصلة قرابة إلى أحد المتهمين. ورصدت هيئة التحقيق والادعاء العام 13 دليلاً وقرينة لإدانة المتهمين.
وبدأت القضية إثر تكليف موظفين من موظفي «صحة الشرقية»، أحدهما مفتش والآخر طبيب، بالتحقيق في قضية سرقة أدوية من مستودع مستشفى محافظة الخفجي العام، متهم فيها «فني صيدلي»، إلا أنهما خلصا إلى إعداد تقرير «زوّرا فيه الحقائق وأخفوها، وهددا بعض الموظفين هناك، ومارسا الضغوط عليهم، ما أدى إلى انحراف التحقيق عن مساره، وإلباس التهم موظفين آخرين، ليس لهم علاقة بالقضية، وتضرر بعضهم جراء النتيجة التي انتهى التحقيق إليها».
ووجهت هيئة التحقيق والادعاء العام، إلى المفتش تهم: «الاشتراك في تزوير تقرير اللجنة المُعدّ من «صحة الشرقية»، حول قضية سرقة أدوية من مستودع مستشفى الخفجي العام، بتدوين وسرد وقائع وأقوال غير صحية، صدرت عن أصحابها تحت التهديد والوعيد، وتزوير خطاب رسمي من إدارة الشؤون الهندسية في وزارة الصحة، إلى إدارة المتابعة، يتضمن إفادة غير صحيحة بخصوص كاميرات مستشفى الخفجي، وذلك بإملائه صيغة الخطاب بشكل مخالف للحقيقة، والاشتراك في تزوير إفادة أحد أطراف قضية سرقة الأدوية بشكل مخالف للحقيقة»
كما شملت التهم الموجّهة إلى المفتش «تزوير بطاقتي عمل، منسوب صدور إحداهما للمكتب الخاص للأمير سعد بن فهد، والأخرى للمكتب الخاص للأمير فواز بن عبدالعزيز، بمهنة «دكتور»، خلافاً لحقيقة مسمى وظيفته، والاشتراك في تزوير ثلاث إجازات مرضية، صدرت بطريقة غير نظامية، نتيجة توصية وضغط منه، وإساءة معاملة الموظفين وإكراههم باسم الوظيفة واستغلال نفوذها لمصلحته الشخصية، والإخلال بواجبات وظيفته، بالتوسط لإلحاق ابنة أخته في مستشفى صفوى بناءً على رجاء وتوصية».
كما اتهم بـ «سوء الاستعمال الإداري، بالتصدي للتحقيق في قضايا إدارية أصدر مرجعه سابقاً، قراراً بمنعه من القيام بها، والتسبب بناءً على ذلك في إلحاق أضرار خاصة بالإيقاع بموظفين بغير وجه حق، وتبرئة آخرين ثبت أنهم متهمون وأضرار عامة على مصلحة حكومية لقاء مصلحته الشخصية، واشتراكه في جريمة إخلال موظف عام بواجباته الوظيفية، بأن قام برجاء ثلاثة من المتهمين، لتمكينه من الدخول إلى أماكن يحظر دخولها، بالقرب من تحلية الجبيل، واشتغاله بالتجارة، فيما هو يعمل بوظيفة حكومية».
ووجهت الهيئة للمتهم الثاني، وهو «طبيب»، تهمة «الاشتراك مع المفتش في تزوير تقرير لجنة الشؤون الصحية، بخصوص واقعة سرقة أدوية مستشفى الخفجي». ووجهت إلى المتهم الثالث تهمة «الاشتراك مع المفتش في تزوير خطاب رسمي موجّه من إدارة الشؤون الهندسية في وزارة الصحة، إلى إدارة المتابعة، يتضمن إفادة غير صحيحة بخصوص كاميرات مستشفى الخفجي العام، وذلك بكتابة الخطاب بشكل مخالف للحقيقة».
ويواجه المتهم الرابع تهمة «استغلال النفوذ الوظيفي بتزويد المفتش بأوراق خاصة بقضية سرقة الأدوية من مستشفى الخفجي، وأوراق رسمية خاصة بقضايا سابقة، بعد قرار كف يد المفتش عن العمل، وتسليمه هذه الأوراق خارج العمل». ووجهت للمتهم الخامس تهمة «الاشتراك في تزوير إفادة المتهم الخامس الخاصة بواقعة سرقة الأدوية، بشكل مخالف للحقيقة».
أما المتهم الخامس فمتهم بـ «الاشتراك مع المتهمين الأول والرابع في تزوير إفادة صادرة منه، متعلقة بواقعة سرقة الأدوية بشكل مخالف للحقيقة». فيما وجهت للمتهمين السادس والسابع تهمة «الإخلال بواجبات الوظيفة، بتمكين المفتش وأشخاص آخرين من الدخول لأماكن مهمة ومنشآت حيوية يمنع دخولها». ووجهت الهيئة للمتهمين الثامن والتاسع تهمة «إخلال موظف عام بواجباته الوظيفية، وذلك بالاتفاق مع المفتش، لتمكينهم من الدخول إلى أماكن يحظر الدخول إليها بالقرب من تحلية الجبيل».
ويحاكم المتهم العاشر بتهمة «الإخلال بواجباته الوظيفية، بتزوير إجازة مرضية للمتهم الـ11، خلافاً للحقيقة، واشتراك الأخير معه في جريمة الإخلال بواجبات الوظيفة، بطريق الاتفاق والتحريض وجريمة التزوير». فيما وجهت للمتهم الـ11 تهمة «استعمال محرر مزور (إجازة طبية)، وتقديمها لمرجعه، محتجاً بصحتها، خلافاً للحقيقة». أما المتهم الـ12 فتهمته «الإخلال بواجباته الوظيفية، بتزوير إجازة مرضية للمتهم الـ14 خلافاً للحقيقة، بناء على رجاء وتوصية من متهم آخر، واشتراك الأخير معه في جريمة الإخلال بواجبات الوظيفة بطريق الاتفاق والتحريض، وجريمة التزوير».
وتحاكم المتهمة الـ15، وهي سيدة، بتهمة «اشتراكها مع أحد الأطباء في جريمة الإخلال بواجبات الوظيفة، بطريق الاتفاق والتحريض، وجريمة التزوير، وذلك بإصدار إجازة طبية بطريقة غير نظامية، بناء على رجاء وتوصية من خالها المفتش». فيما وجهت للمتهم الـ16 تهمة «الإخلال بواجبات الوظيفة، بتمكين المفتش وأشخاص آخرين من الدخول لأماكن مهمة ومنشآت حيوية يمنع دخولها، نتيجة رجاء وتوصية من الأخير، واستعمال محرر مزور (إجازة طبية) مزورة، وتقديمها لمرجعه، محتجاً بصحتها، خلافاً للحقيقة». أما المتهمان الـ17 والـ18 فتهمتهما «استعمال محرر مزور (إجازة طبية)، وتقديمها لمرجعه، محتجاً بصحتها خلافاً للحقيقة».
تحقيقات «المباحث الإدارية» تكشف عن المزيد من التهم
< أوضحت هيئة التحقيق أن «المباحث الإدارية حققت في القضية، ورصدت أنه سبق أن صدرت تعليمات من مستشار وزير الصحة المشرف العام على الإدارة للرقابة والمراجعة الداخلية والمتابعة، بعدم تكليف المفتش المتهم بأعمال التفتيش الإداري والتحقيق في القضايا الإدارية، وتم التأكد من جهة الضبط على مستشفى الخفجي، بالوقوف على حقيقة وقائع السرقة التي تمت بمستودع الأدوية وصيدلية المستشفى وضبط إفادة الأشخاص ذوي العلاقة بالمواقع التي تمت فيها السرقة، وكذلك ضبط إفادة مدير المستشفى والمختصين بالإدارات المعنية بالمستشفى. وتم التأكد من مدى فعالية نظام كاميرات المراقبة بالمستشفى، واتضح عدم فعالية ذلك النظام. كما تبيّن أن موقع حفظ جهاز «سيرفر» الكاميرات غير مناسب، وسبب رئيس في كثرة الأعطال، ولا يوجد شركة خاصة لمتابعة وصيانة الكاميرات بشكل دوري. ولا توجد آلية متبعة للاطلاع على الكاميرات، من الجهات المختصة في المستشفى، والجهاز قديم وبرنامج الكاميرات غير ملائم لطبيعة العمل ولوضعية الكاميرات بالمستشفى ويحتاج إلى تحديث».
وقامت المباحث برفع استفسار من مدير المستشفى للمدير العام للشؤون الصحية في الشرقية، الذي أفاد بتقرير مفصل من إدارة المشاريع والشؤون الهندسية في «صحة الشرقية»، ينفي جميع ما ورد بالمحضر، من ملاحظات، ويتناقض مع ما تم الحصول عليه من مخاطبات بين إدارة مستشفى الخفجي، وإدارة المشاريع والشؤون الهندسية في «صحة الشرقية»، واتضح قيام موظف الصحة (المتهم الثالث) بتزوير الخطاب الرسمي الموجّه من إدارة الشؤون الهندسية إلى إدارة المتابعة التي يعمل فيها المتهم الأول (المفتش)، بوضع الكاميرات بشكل لا يتضمن الحقيقة، حول ما دوّن به من نقاط بناء على ما أملاه عليه «المفتش»، تماشياً مع رغبته في تضليل الحقيقة. وعدم ذكر المتهم الثالث الواقع بعدما انتقل إلى مستشفى الخفجي. وقام بفحص الكاميرات الخاصة بالمستشفى، واتضح له أنها لا تعمل بشكل جيد».
وطالبت المباحث جهة الضبط تسليمها محاضر الجرد التي تثبت وجود عجز على «الفني الصيدلي»، وكذلك محاضر ضبط المستندات التي تم الاستحواذ عليها من لجنة التحقيق لديهم من مستودع الأدوية، التي توضح صفة وكم المستندات التي المضبوطة والموقع عليها من أمين المستودع.
وأكدت المباحث أن «للمفتش مصالح شخصية تسببت في انحراف مسار التحقيق في اللجنة التي كلف بها. إذ كان يرغب في الظهور أمام مرجعه وإمارة المنطقة الشرقية، والإيحاء لهم بتوصله إلى نتائج في القضية، وإن كانت غير صحيحة لإثبات وجوده، والحصول على حوافز مادية من دون وجه حق».
فيما ضبط لدى المتهم بطاقتي عمل مزورتين، منسوب صدور إحداهما للمكتب الخاص للأمير سعد بن فهد، والأخرى للمكتب الخاص بالأمير فواز بن عبدالعزيز، بمهنة «دكتور»، خلافاً لحقيقة مسمى وظيفته. وطالبت هيئة التحقيق والادعاء بـ «إنزال عقوبات السجن والغرامة على المتهمين كافة، وفقاً لنظامي الرشوة والتزوير والإخلال في واجبات الوظيفة، واستغلال النفوذ الوظيفي».
«هيئة التحقيق» تقدم 13 دليلاً
وقرينة ضد المتهمين
< رصدت هيئة التحقيق والادعاء العام 13 دليلاً وقرينة للاتهامات التي وجهتها للمتهمين الـ18، منها «محضر المواجهة بين المتهمين: المفتش والطبيب، وما ورد في التقرير النهائي الخاص بجهة الضبط المرفق، وإفادة مدير مستشفى الخفجي، المتضمنة بأن مدير المتابعة بالمستشفى أبلغه بأنه تلقى اتصالاً من عضو لجنة التحقيق بالشؤون الصحية (المفتش)، يطلب فيه عدم رفع الإفادات الخاصة بالواقعة، والاكتفاء برفع إفادة فني صيدلي، المتضمنة استفساره من مديرة الصيدلية: هل باستطاعته سحب كمية من الدواء، لإيصاله لمستشفى عمليات الخفجي (تزويراً لوقائع تلك الحادثة)، وأن المفتش اتصل به شخصياً، وطلب منه الأمر ذاته، وإفادة فني صيدلي الذي تمت معاقبته من المفتش، المتضمنة بأنه أثناء التحقيق معه من اللجنة المشكلة من الشؤون الصحية، طلب منه المفتش أن يدون ما يمليه عليه من أقوال، وهدده بقوله: «إنك على ملاك مستشفى مليجة، وفي حال عدم تجاوبك سيتم نقلك إلى هناك».
كما تضمنت الأدلة «إفادة فني الحاسب الآلي المتضمنة بأنه تم سحب جواز سفره من المفتش، وتهديده بالحبس والمنع من السفر في حال عدم إقراره بأنه هو من قام بمسح التسجيل الموجود بجهاز الكاميرات، وتسجيل صوتي للمحادثات قدمه فني الحاسب، رصد المحادثة التي دارت بينه وبين المفتش ورئيس المتابعة في المستشفى (تبيّن من خلالها إلحاحهما عليه بالتراجع عن أقواله والإفادة بأقوال مخالفة للوقائع في مقابل مساعدته في رفع اسمه من قائمة المنع من السفر)، وخطاب مدير الأحوال المدنية بالدمام، المتضمن بأن المفتش لم يعدّل مهنته إلى موظف حكومي، إلا بتاريخ 17ـ7ـ1434هـ، وامتلاك المفتش مؤسسة تجارية».
واستندت هيئة التحقيق إلى إفادة أمين مستودع الأدوية المتضمنة، بأنه «لم يتم التحقيق معه من لجنة الشؤون الصحية، سوى نصف ساعة بمقر التحقيق بمستشفى الخفجي، ولم تعطه الفرصة لتقديم المستندات والوثائق التي تثبت عدم وجود عجز لديه في عهدة الأدوية المسلمة له، وإفادة فني صيدلي، المتضمنة بأن ما ورد في تقرير الشؤون الصحية على لسانه غير صحيح، إضافة إلى تقديم البطاقتين المزورتين».
(الحياة – فاطمة آل دبيس)