تقرير إخباري | نبأ نت – يبرر النظام السعودي جرائمه بمفردات وتعابير متعددة، فإذا أراد ملاحقة مواطنين أبرياء لا دخل لهم في السياسة، يصفهم بالإرهابيين، وإذا أراد التخلص من منطقة محرومة ينادي سكانها بإصلاحات وحقوق طبيعية، يقوم باجتياحها وتدميرها، مثلما يحصل حالياً في مدينة العوامية، التي تضم “حي المسوّرة” الأثري، ويريد النظام إزالته.
في عام 2010، نشرت صحيفة “الرياض” الرسمية تقريراً عن “حي المسوّرة”، أظهر أهمية الحي وتراثيته. يتعرض الحي حالياً لاجتياح مستمر منذ 5 أيام تنفذه القوات السعودية، يدمر المنازل الأثرية، ويقتل ويجرح المواطنين.
تشير الصحيفة في تقريرها عن “حي المسوّرة” إلى مرور 400 عام على تشييده، وأن بعض كبار السن من قاطني العوامية يصرون على البقاء في بيوتها التاريخية التي بُنيت من الحجر البحري وأشجار النخيل. ويتحدث التقرير أيضاً عن شعراء وأدباء يجلسون في منازل الحي لاعتقادهم بتأثيره على أعمالهم، ومنهم الشاعر حسين اللباد. كما يتحدث عن اهتمام السياح بزيارته، وأنه شهد قبل نحو 85 عاماً المسورة زيارة علمية “مهمة جدا” من المستشرق ج.ج. لويمر، الذي قال إن الحي “شيد من الحجر البحري المدعم بأشجار النخيل التي صفت ببعضها بطريقة هندسية جذابة”.
وأبرزت الصحيفة أهمية الحي أكثر باعتباره “أحد أهم معالم تشكل البلدة واتساع رقعتها”، ونقلت الصحيفة عن أبو أحمد (89 عاما) قوله: “كان للمسوّرة سور وفي كل زاوية يوجد برج للمراقبة”، مشيراً إلى أن “الأجداد كانوا يضطرون للحراسة ليصدوا أي هجوم محتمل يأتي من الخارج، خاصة أن الدولة السعودية لم تقم بعد آنذاك”.
لكن ما يجري الآن من اجتياح للعوامية بدأ باستهداف “حي المسوّرة” وانتقل إلى أرجاء المدينة، يناقض هذا “الاهتمام” من صحيفة محسوبة على النظام الرسمي، بفرضه حصاراً على العوامية، يهين تاريخها وحاضرها. فإذا كان الحي مهماً لتراث السعودية ومطلوب المحافظة عليه، إذن كيف يمكن تفسير التدمير الحاصل له؟
واستدلت الصحيفة على أهمية الحي بحديث الباحث في شؤون التراث والتاريخ زكي الصالح، الذي أكد أن من الممكن إنقاذ المنطقة التاريخية وترميم البيوت وبناء ما سقط منها، وقال: “لو تضافرت الجهود الرسمية والشعبية نستطيع أن نحول المنطقة لقرية تراثية حقيقية تزيد من حضور السياح القادمين من مختلف مناطق الغرب”.
أما الحديث الرسمي عن “مشروع تنموي” لـ”حي المسوّرة” و”إعادة ترميمه”، فهي، إن سلمت الغاية من ورائها، لا يتم بتهجير المواطنين من بيوتهم وهدم منازلهم بالجرافات التي تحرسها المدرعات. غير أن الاجتياح المستمر للعوامية، بذريعة القضاء على من يسميهم النظام “الإرهابيين”، فهو استهداف للمنطقة الواقعة ضمن محافظة القطيف التي تسكنها أغلبية شيعية، تطالب إصلاحات وحقوق من نظام يلاحق أبنائها ويقتلهم ويحسبهم ويعذبهم.
– رابط التقرير في صحيفة “الرياض”: http://www.alriyadh.com/497807