كاتب إسرائيلي : في السعودية…هناك أشياء أخرى غير النفط والشريعة

كتب الصهيوني “إيال ساجوي” في صحيفة “هآرتس”:
قبل بضع سنوات مضت، شاهدت عرض الفرقة الشعبية اللبنانية، مشروع ليلى، في عمان. وافتتح العرض المطرب السعودي الإيراني، علاء الوردي وفرقته “هيجان”. كان صوته جديدًا ومختلفًا، واكتشفت ما لم أعرفه عن المملكة العربية السعودية.

تلك الدولة حيث لا يسمح للنساء بالخروج دون إذن أزواجهن، الدولة التي يعاقب اللصوص فيها بقطع أيديهم، ويُقطع رأس القتلة والعنصريين. الدولة التي تحكمها قوانين الوهابية وتدعو إلى العودة إلى الإسلام الحقيقي. الدولة التي تنتج أسامة بن لادن والعديد من المتعصبين مثل تنظيم القاعدة وآخرين.

الدولة التي يرتدي فيها جميع الرجال “الجلابية” البيضاء والغتر الحمراء، ويتم تغطية النساء تمامًا باللون الأسود. الدولة التي لا يوجد بها دور سينما تقريبًا أو صناعة الفيلم. الدولة التي لديها قناة تلفزيونية حكومية مملة بشكل لا يصدق.

أوه نعم، والنفط. الكثير من النفط.

ولكنني شعرت بالانبهار من كمية المعلومات لقد جمعتها عن تلك البلد التي لم أزرها، ولكنني أنظر إليها فقط من بعيد من الشاطئ في سيناء. ومن بعيد، تبدو تلالها أكثر جمالًا بكثير من الوصف السابق.

كما هو الحال مع معظم الحالات، فإن الصورة ليست سوداء تمامًا. ولكنها ملونة، وأكثر تعقيدًا من التبسيط والتعاريف المريحة.

فلأنها “تحمي المواقع الإسلامية المقدسة” – مكة المكرمة والمدينة المنورة- فعلى المملكة العربية السعودي اتباع الشريعة الإسلامية. وعلاوة على ذلك، فإن الروابط العائلية الوثيقة بين آل سعود (العائلة المالكة) وأحفاد مؤسس الوهابية، محمد بن عبد الوهاب، تجبر المملكة السعودية على التفسير المتحفظ للقرآن والشريعة الإسلامية.

حيث تزعم الحركة الوهابية أن الحداثة شوهت الإسلام، وتدعو إلى العودة إلى نمط حياة النبي وأتباعه. كما تميل إلى تجنب الابتكار والاختراعات، إلا أنها يمكنها أن تستخدمها لنشر أيديولوجيتها. وهو ما يفسر الفجوة بين المملكة العربية السعودية ودول عربية أخرى.

خذ على سبيل المثال، القاهرة، حيث أصبحت السينما ثاني أكبر صناعة مصرية بعد القطن، على الرغم من أن المدينة هي موطن لجامعة الأزهر، وهي المؤسسة التعليمية الأكثر أهمية في العالم السُّني.

المملكة العربية السعودية، من ناحية أخرى، تمتلك دار سينما واحدة فقط، في الخبر. كما إنها تنتج الموسيقى أقل بكثير من مصر ولبنان والكويت والإمارات العربية المتحدة. حيث يزعم رجال الدين منذ مئات السنين، أن الإسلام يحظر الاستماع للموسيقى. وادعى البعض أن أيّ أداة أخرى غير العود أو القانون ممنوعة.

ولكن الأمور لم تكن دائمًا كذلك. فقد فتحت عائلة آل سعود في المملكة الطريق إلى التحديث والنفوذ الغربي، وسمحت لأشياء كانت تبدو محظورة في القانون الإسلامي. وعلى الرغم من الحظر والقيود، ازدهر الملحنون مثل طارق عبد الحكيم وسراج عمر، وكذلك المطربون مثل محمد عبده وطلال مداح، في المملكة العربية السعودية.

ولد مداح في مكة المكرمة عام 1940، وكان يعتبر واحدًا من أهم الموسيقيين والمغنين السعوديين في القرن العشرين. وكان يغني في العديد من الدول العربية، كما لحن له الملحن المصري محمد عبد الوهاب واحدة من أغانيه الشهيرة.

وعلى الرغم من الاحتكار المصري للثقافة العربية، كان مداح قادرًا على ملء قاعات الحفلات في القاهرة. ولكن مداح سقط أثناء غنائه على خشبة المسرح وتوفي في عام 2000.

ولد عبده في أبها، المملكة العربية السعودية، في عام 1949، وبدأ الغناء في أوائل الستينيات. ولا يزال يؤدي حتى اليوم، وقد سجلت العديد من أغانيه. وكان أفضل إنتاجه هو دويتو مع المطربة المغربية فدوى المالكي.

كما تمكنت العديد من النساء السعوديات أيضًا في تحقيق اختراقات وتمهيد الطريق لأقرانهن. ففي وسائل الإعلام، أصبحت هدى الرشيد أول مذيعة للأخبار تظهر على الشاشة، في الرياض خلال السبعينيات. حيث عملت كمحررة في صحيفة قبل الذهاب إلى لندن والعمل مع بي بي سي العربية.

وخلال السبعينيات، اكتشف مداح “عتاب”، التي أصبحت أول مطربة في المملكة العربية السعودية، والتي ولدت في الرياض عام 1947، وبدأت كمغنية في الزفاف. وفي عام 1980، انتقلت إلى القاهرة، حيث أصدرت أغنيتها الشهيرة “جاني الأسمر”.

عدد قليل من المتطرفين الذين عارضوا الثقافة الشعبية والترفيه ادعوا بأن أي امرأة سعودية تظهر في وسائل الإعلام والبث، أو تعمل كممثلة أو مطربة، ليست سعودية حقيقية. وعلى الرغم من أن العديد منهم تأثرن بالثقافات الأخرى، ولكنهن يمثلن مثالًا للمرأة السعودية حول الحداثة والتحرر.

في السنوات الأخيرة، وبتشجيع من الأميرة عادلة، ابنة الملك عبد الله، الذي يدعو إلى تقدم النساء، تمّ افتتاح العديد من المؤسسات التعليمية للمرأة، بما في ذلك مدرسة تصميم الأزياء في الرياض. وقد بدأ تكافؤ الفرص في العمل في الظهور أيضًا. وفي عام 2011، سمح الملك للنساء بالتصويت والترشح إلى الحكومة المحلية للمرة الأولى.

في عام 2013، ظهر أول فيلم يتم تصويره بالكامل في المملكة العربية السعودية من إخراج امرأة، هيفاء المنصور. كان الفيلم السعودي “وجدة” والذي تم عرضه في إسرائيل أيضًا، يصنف في فئة أفضل فيلم أجنبي في جوائز الاوسكار.

وصحيح، اضطر المخرج إلى إعطاء توجيهات لها من داخل سيارة الإنتاج، حتى لا تظهر في الشوارع بين الرجال، ولكن من ناحية أخرى، كانت قصة الفيلم عن فتاة تسمى وجدة، تريد ركوب الدراجات، ولكن ذلك لا يجوز لأن الشريعة تحرم ذلك.

كما ساهم المغني علاء الوردي أيضًا في نضال المرأة من أجل الحقوق في المملكة العربية السعودية. جنبًا إلى جنب مع الكوميديين السعوديين، هشام فقيه وفهد البطيري، وسجل الوردي أغنية بالموسيقى تسمى “لا امرأة، لا قيادة” تستخدم أسلوب السخرية في الريغي بوب مارلي الكلاسيكية. ويقول الوردي إنه يحاول جعل الناس سعداء، وإن جميع البلدان هي وطن بالنسبة له، وإنه يحاول نشر قيم المحبة والمساواة.

وبعد سنوات من الحظر، ومنع اليهود من دخول الأراضي السعودية، اقترح وزير الخارجية السعودي الاعتراف بإسرائيل وإنهاء صراعها مع الدول العربية الأخرى.

ولكنني لم أجد ذلك مثيرًا بشكل كبير على الجانب الإسرائيلي التي ربما لا تزال ترى المملكة العربية السعودية على أنها “مملكة الكراهية” على غرار ما جاء في كتاب دوري غولد، السفير الإسرائيلي السابق لدى الأمم المتحدة.

كما تقدّم السعوديون بمقترحات إلى إسرائيل منذ الثمانينيات، ولكنها قوبلت بفتور في كل مرة.

وأنا أودّ أن أكون أول إسرائيلي يقوم بزيارة المملكة السعودية، إذا سمح وزير خارجيتنا بذلك.
(التقرير)