السعودية / نبأ – إعتبر الكاتبان نواف عبيد وسعود سرحان أن إتهامات معظم المعلقين التي تشير إلى السعودية كمصدر لجماعة داعش “مزاعم غير صحيحة” معتبرين أن “السعودية ليست مصدرًا لداعش، بل إنها الهدف الرئيس لتلك المجموعة”.
وإعتبر الكاتبان أن “هدف داعش الأساس هو استعادة الخلافة (أي الإمبراطورية الإسلامية بقيادة المرشد الأعلى)، ولأنّ المملكة العربية السعودية هي مركز الإسلام وخادمة الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، فإنّ داعش تعتبر أن الطريق إلى الخلافة يمر عبر المملكة وملوكها”.
وأشارا إلى أنّ داعش أطلقت “حملة ضد السعودية، أسمتها “قادمون”، للسيطرة على البلاد. كما أنّ المملكة العربية السعودية قد وضعت المجموعة على قائمة الإرهاب، وأعلنت أن تمويل داعش يعتبر جريمة ذات عقوبات شديدة، واعتقلت نشطاء وأنصارًا لداعش على مدى الأشهر القليلة الماضية”.
ولفتا إلى أنّ “داعش لم تظهر من السعودية بل من عراق ما بعد الحرب ومن بقايا كبار ضباط صدام حسين وشبكاتهم المحلية الداعمة في العراق وسوريا. وقد مكن ذلك داعش من الاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي في هذين البلدين والاستيلاء على الأصول الاقتصادية والمالية والطاقة الثمينة، وبذلك أصبحت مكتفية ذاتيًّا من الناحية المالية”.
وإعتبرا أنّ “حقول النفط الهائلة والثروات النقدية بالمملكة مطمعًا لتنظيم القاعدة، والآن هي مطمع لداعش. وبالطبع، كنموذج للنفاق، أنه بينما تطمع كل من القاعدة وداعش في الثروات في المملكة، نجدهم يحتقرون الطريقة الحديثة التي يتمّ استخدامها من أجل الاستفادة من تلك الثروة، ويعتبرون أنّه انحراف عن الممارسات الإسلامية الصحيحة”.
وتسائلا: “لماذا إذن يعتقد الكثير من الناس بأن المملكة العربية السعودية هي وراء داعش؟”.
إعتبر الكاتبان أنّ “واحد من جذور الادعاء بأن المملكة العربية السعودية هي من أنشأت داعش، هو الاعتقاد بأن كلا الكيانين يمارس نسخة من الإسلام يسمّى السلفية (المعروفة خطأ في الغرب باسم الوهابية). حتى كان صحيحًا أن المملكة تتبنى السلفية، فإن زعم داعش أنها تمثل السلفية ليس له أساس”.
وإشرح الكاتبان كلمة “السلف” بعيداً عن ممارسات السلفية “حيث ترجع كلمة السلفية إلى السلف، في إشارة إلى الطريقة التي كان يمارس بها أتباع النبي (محمد صلى الله عليه وسلم) الإسلام في وقت مبكر خلال الأجيال الثلاثة الأولى من ظهور الدين”.
وإعتبرا أنّ “السلفيون يعتقد ون أن الإسلام يجب أن يمارس وفقًا لتوجيهات أولئك الأجداد. ثم حدثت تفسيرات مختلفة لهذه التوجيهات على مرّ الزمن، مما أدي إلى ظهور أربع مدارس للفقه في الإسلامي السني، وكان من مؤسسي هذه المدارس أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وابن حنبل”.
وتابعا “أيديولوجية داعش هي امتداد للطائفة المعروفة باسم الخوارج، أو تلك التي “انحرفت” عن المجتمع الإسلامي في عهد الخليفة الرابع علي (رضي الله عنه) الذي اغتالوه. ويعتقد الخوارج أن كل من اختلف معهم في الرأي يجب قتله بالكفر (التكفير)، وبرروا القتل الجماعي للمدنيين، وبينهم النساء والأطفال (الاستعراض)، ومارسوا شكلًا متطرفًا من محاكم التفتيش لاختبار إيمان خصمهم (الامتحان)”.
وأشارا إلى أنّ “هذه المفاهيم تجعل أيديولوجية داعش على العكس تمامًا من السلفية السعودية. حيث تمّت صياغة النسخة السلفية المطبقة في محاكم المملكة والمؤسسات الدينية من جانب واحد من أربعة فقهاء رائدين، وعلماء القرن التاسع، وهو الإمام أحمد بن حنبل. ويقف القانون بحزم ضد الفتنة، وسفك الدم، والإجبار على اعتناق الإسلام”.
وأشارا إلأى أنّ “واحد من أقوال ابن حنبل وأشهرها يجسد الفكر السعودي الحالي حيث قال: “سبحان لله. سفك الدم! سفك الدم! أنا لا أوافق ولا أنا أوصيك به، فالصبر في وضعنا أفضل من الفتنة التي تسبب سفك الدماء”.
وتابع الكاتبان “كما تشكل داعش تهديدًا فريدًا: فهي حركة متعطشة للدماء يمكنها أن تجد الشباب الساخطين من الرجال والنساء البالغ عددهم 1.3 مليار سنة وتجنيدهم من مختلف دول العالم. وهي لا تواجه القيود العددية لجماعات مثل حزب الله أو دول مثل إيران التي تقتصر فقط على الطائفة الشيعية؛ لذا مع إمكانات النمو الهائلة هذه، فإنه يجب هزيمة داعش الآن”.
وأشارا إلى أنّ “المملكة العربية السعودية هي السلطة الوحيدة في المنطقة التي تملك القوة والشرعية للقضاء على داعش. فبعد القضاء على تنظيم القاعدة في المملكة، ومع خبرة الحكومة السعودية في مكافحة الإرهاب، فإنّ المملكة لديها وضع متميز للتعامل مع داعش، التي هي في النهاية منظمة على صلة بتنظيم القاعدة”.
ولفتا “أنّ المملكة أنشأت برنامجًا لمكافحة الإرهاب مثيرًا للإعجاب، وتعتبر استراتيجيات مكافحة الإرهاب فيه من أكثر الاستراتيجيات تطورًا وفعالية في العالم. الأهم من ذلك هو أن القيادة السعودية لديها شكل فريد من المصداقية والشرعية الدينية، والتي تجعلها أكثر فعالية من غيرها من الحكومات في نزع الشرعية الأيديولوجية عن الجماعة الإرهابية الوحشية”.
وإعتبرا أنّ “الرسالة المرسلة للعالمين الإسلامية والعربية من المملكة حول داعش تختلف جذريًّا عن -ومفضلة الكثير عن- الرسالة المرسلة من الولايات المتحدة بخصوص داعش، نظرًا للسجل الكارثي لأميركا مؤخرًا في الشرق الأوسط. عندما ظهرت داعش لأول مرة في سوريا في عام 2011، حاولت المملكة العربية السعودية حشد الدعم للمعارضة السورية المعتدلة ضد نظام بشار الأسد القاتل. ولكن العالم لم يستمع لك”.
وناشدا “المجتمع الدولي لتشكيل ائتلاف قوي مع المملكة العربية السعودية لدحر التقدم العسكري لداعش، وفي الوقت نفسه دعم المملكة أكثر من أي وقت مضى وزيادة حملة نزع الشرعية عن داعش في نظر العالم السني الأوسع، من أجل تدميرها في نهاية المطاف”.
(نبأ/نيويورك تايمز)