بعد سلسلة الاعتداءات التي تشهدها منذ 2015، جعلت فرنسا من الأمن أحد الاسس الرئيسية لسياستها الخارجية، ويبدو أن هذا الخط يتعزز أكثر منذ انتخاب إيمانويل ماكرون رئيسا، و"دبلوماسية مكافحة الإرهاب" التي يقول البعض انه يريد تطبيقها.
تقرير حازم الأحمد
يتناول الرئيس الفرنسي الجديد موضوع الإرهاب في كل مداخلاته تقريبا مع التشديد على انه "أولوية قصوى" و"أساسية"، سواء كان الأمر يتعلق بلقاء مع رئيس دولة أو كلمة موجهة إلى الداخل.
من أولى الإجراءات التي اتخذها ماكرون كانت تشكيل قوة تدخل لمكافحة الإرهاب في الإليزيه. كما خصص أولى رحلاته إلى الخارج لتفقد القوات الفرنسية المنتشرة في مالي. وعين وزيرا للخارجية جان إيف لودريان، وزير الدفاع السابق الذي يتمتع بنفوذ والذي قام بتنسيق المهام العسكرية الفرنسية في مالي والساحل والعراق وسوريا، إبان رئاسة فرنسوا هولاند.
دبلوماسي فرنسي يشير إلى أن موضوع الأمن لم يكن على جدول أعمال وزراء الخارجية بشكل بارز على هذا النحو من قبل، إذ ركز لودريان في رحلاته الأولى إلى الخارجية على مواضيع متعلقة بالأمن. وخلال زيارته إلى تونس والجزائر ومصر، تناولت محادثاته الوضع في ليبيا. ومن المقرر أن يتوجه الثلاثاء إلى موسكو للبحث مع المسؤولين الروس في الوضع في سوريا.
تريد باريس اعتماد مقاربة تقوم على "البراغماتية" مع موسكو، حليفة دمشق، و"خوض الملف انطلاقا من مبدأ واحد هو ضمان أمن الفرنسيين"، بحسب مصدر حكومي فرنسي نفسه الذي يضيف أنّ باريس بحاجة إلى حل سياسي في سوريا لكن القضاء على "داعش" بات الأولوية، إذ تركز فرنسا على استعادة السيطرة على الرقة حيث خطط تنظيم "داعش" للعديد من الاعتداءات على الأراضي الفرنسية وحيث لا يزال عشرات الإرهابيين الفرنسيين يختبئون في صفوفه.
خلال لقائه مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في فرساي في أواخر مايو، اقترح ماكرون تعزيز الشراكة مع روسيا "لكسب الحرب ضد الإرهاب" في سوريا. وأشار أيضا إلى ضرورة "مرحلة انتقالية سياسية" لكنه ظل مبهما في الحديث عن الحل السياسي وتفادى الحديث عن مصير الرئيس السوري بشار الأسد، مع الإشارة إلى أنّ فرنسا خففت من لهجتها ضد الرئيس الأسد منذ اعتداءات العام 2015. وهو ما أشار إليه ممثل ما تسمى "المعارضة السورية" في المنفى منذر ماخوس في باريس أن "اشكالية الاسد لم تعد الأولوية".