عمدت واشنطن إلى استغلال المطالب الكردية بدولةٍ مستقلة، لفرض وجودها العسكري في المناطق التي ينسحب منها "داعش" أمام القوات الكردية، معلنةً الخطوط الحمر بإسقاطها المقاتلة السورية مؤخراً فوق الرقة.
تقرير عباس الزين
دور الولايات المتحدة في سوريا بدأ يتّضح في البادية السورية، مع تبدد غبار الجماعات الإرهابية وانحسارها. للمرة الثانية، الطائرات السورية، في مرمى "التحالف الدولي" الذي تقوده واشنطن، في محاولةٍ لإعاقة عملياتها ضد الإرهاب الذي تزعم الإدارة الأميركية محاربته.
طائرة مسلحة من دون طيار تابعة للقوات السورية، كانت تحلّق بحسب بيان للتحالف، بالقرب من موقع عسكري له، قريب من الحدود مع العراق جنوب شرق سوريا، اسقطها التحالف الأميركي، في سيناريو متكرر لإسقاط مقاتلة سورية من طراز "سو — 22" بزعم اقترابها من مناطق وجود القوات المدعومة من التحالف، على الرّغم مما سبب ذلك من توتر مع موسكو.
موسكو وفي ردٍّ سريعٍ على الإعتداء الأميركي، أعلنت إلغاء اتفاق مع واشنطن بشأن السلامة الجوية فوق سوريا، وانها ستعتبر الطائرات التابعة للتحالف اهدافاً محتملة إذ ما حلقت ضمن نطاق عمل قواتها وحلفائها.
كلام روسيا حول عرقلة واشنطن لجهود مكافحة الإرهاب، دفع أستراليا الى إيقاف مشاركتها في العمليات الجوية في سوريا ضمن "التحالف الدولي".
بحسب مراقبين، فإن إسقاط الطائرة السورية، رسالة واضحة أن المنطقة باتت خطّ أحمر أميركي، لا سيما وأن القوات الأميركية تنوي التمركز في المدينة "الاستراتيجية"، واتخاذها قاعدة عسكرية طويلة الأمد، على الأراضي السورية.
مصادر محلية في مدينة الطبقة غرب الرقة أكدت أن القوات الأميركية بدأت بهدم منازل في أحياء المدينة، لإنشاء مقر عسكري وسكني لقواتها، وقطعت جميع الطرقات المؤدية إلى المنطقة، ما يفسّر حاجة واشنطن لقواعد عسكرية هناك كاستعدادٍ لأي تخلٍّ عن قاعدة "أنجرليك" في تركيا، وذلك في حال توتر العلاقة واتخاذ أنقرة قرار إيقاف العمل بالقاعدة العسكرية، بسبب دعم واشنطن للأكراد.
واشنطن استغلت مطالب الأكراد لضم مدينة الطبقة إلى الإقليم الكردي وتوغلت عسكرياً في المنطقة، وهو ما قاله بوضوح آخر سفير أميركي لدى سوريا روبرت فورد في حديث إلى "الشرق الأوسط" في لندن، أنّ "ما نفعله مع الأكراد غير أخلاقي وخطأ سياسي".
دور حصان طروادة الذي يلعبه الأكراد في تجهيز أرضية تواجد القوات الأميركية بذريعة الأمن الذاتي الكردي، لن يدفع كلفته غير الأكراد، وهو ما أشار إليه فورد، بأنّ الأكراد السوريون يقومون بأكبر خطأ لدى ثقتهم بالأميركيين.
أما عن الهدف النهائي لترامب، ينقل فورد عن أحد مستشاريه أنه يريد تقليص النفوذ الإيراني، لكنه أردف أنه لا يعرف أن اللعبة انتهت. فأوباما لم يترك لإدارة ترمب الكثير من الخيارات لتحقيق هدفها، والكلام للسفير الأميركي.