تعديلات على نظام الحكم تشي بأن صراع الأجنحة مقبل على مرحلة أصعب في قصر آل سعود بين أبناء الأبناء.
تقرير رامي الخليل
بين ليلة وضحاها، وفي حُزمة أوامر ملكية، عُزل محمد بن نايف من منصب ولاية العهد، وأُعلِن تنصيب محمد بن سلمان مكانه، وفيما لم تتضمن الأوامر تعيين أحدٍ في منصب ولي ولي العهد، يكون ابن سلمان قد أتم آخر خطواته الممهدة لاعتلائه عرش مملكة آل سعود.
الأوامر الملكية التي صدرت فجراً، وهو أمر اعتاد عليه الديوان الملكي في الآونة الأخيرة، تضمنت تعديلاً على فقرة أساسية في نظام الحكم، تتعلق بالمَلك وبتعيين ولي العهد مستقبلاً، وهو تعديل يمثل تغييراً جوهرياً في آلية توارث العرش.
الأوامر قضت بتعديل الفقرة "ب" من المادة الخامسة من النظام الأساسي للحكم، والتي كانت تنص على أن الحكم لأبناء الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود وأبناء الأبناء، ويبايع الأصلح منهم للحكم على كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، كما جاء في المادة الخامسة، والتي تم تعديلهخا بإضافة شرط أن لا يكون من بعد أبناء الملك المؤسس ملكاً وولياً للعهد من فرع واحد من ذرية الملك المؤسس.
هذه الإضافة تعني أن الملك المقبل محمد بن سلمان وهو ليس من أبناء الملك المؤسس عبدالعزيز، بل من أحفاده، لن يستطيع أن يورث الحكم لإخوته أو أبنائه، إذ لا بد أن يكون ولي عهده من فرع آخر من أبناء المؤسس أي أحد الأمراء أبناء أعمامه.
التعديل الذي أمر به الملك سلمان، لن يكون ملزماً لنجله محمد في حال تسلم عرش المملكة. بمقدور الملك الجديد تعديل أو إلغاء قرارات مسبقة، ولا يوجد في نظام الحكم ما يمنع قيامه بمثل هكذا خطوة، على غرار ما فعل سلمان.
مراقبون أشاروا إلى احتمال أن يكون محمد بن سلمان قد اتفق مع هيئة البيعة وما تمثل، على تعديل هذه الفقرة من النظام الأساسي لعدم استفزاز أبناء عمومه وحفظ استقرار الوضع الداخلي في العائلة الحاكمة، بحيث يضمن وصوله إلى العرش من دون مضايقات أو اضطرابات، ويفتح المجال للأمراء من أبناء عمومه بالمشاركة في الحكم، وذلك في مقابل تعهده بأن لا يخالف مضمون الفقرة المعدلة، وبالتالي فإنه لا يحتكر عرش المملكة مستقبلاً عبر توريثه لأحد إخوته أو أبنائه.
خلافات النافذين والامتحان المرتقب
تتجه الأنظار إلى هوية ولي عهد محمد بن سلمان المرتقب حال تنصيبه ملكاً.. في ظل خلافات بينه وبين أبناء عمومه تستبعد الأمراء الأكثر نفوذاً في المملكة.. ما يفتح الباب أمام امتحان جديد لنجاح انقلاب القصر.
كثرت المؤشرات على اقتراب موعد توليه مُلك السعودية، ,برزت تساؤلات حول هوية الأمير الذي سيُناط به تولي منصب اول ولي عهد لحكم محمد بن سلمان المرتقب.
التعديل الذي أجراه الملك سلمان في نظام الحكم قضى بأن من سيخلفه مستقبلاً لن يكون بمقدوره أن يورث الحكم لأخوته أو أبنائه، ولا بد أن يكون ولي العهد من فرع آخر أي أحد أبناء أعمامه. بالعودة إلى العلاقات السيئة التي تجمع محمد بن سلمان بأبناء أعمامه، يبدو أن مستقبل المملكة دخل نفقاً مظلماً، يفتح الباب أمام إمتحان جديد لنجاح انقلاب القصر.
محمد بن نايف المعزول، جرى إرضاء أخيه أمير المنطقة الشرقية سعود بن نايف عبر تعيين ابنه عبدالعزيز وزيراً للداخلية، أما الامير الوليد بن طلال، فإن خلافاته الكثيرة مع الشاب الطامح تحولُ دُون اختياره ولياً للعهد، فهُما على طرفي نقيض، بدءاً من الخلاف حول "قناة العرب" مروراً باختلاف وجهات النظر في الشؤون الداخلية مثل قيادة المرأة للسيارة، وليس انتهاءاً بملاحظات ابن طلال الاقتصادية على اداء ابن سلمان وانتقاده للحرب على حرب اليمن.
متعب ابن الراحل عبدالله، هو غريم تقليدي لابن سلمان وحليف وثيق لمحمد بن نايف، كما أنه على رأس وزارة الحرس الوطني الذي يريد محمد بن سلمان استيعابه في وزارة الدفاع، أما محمد بن فهد، فقد تم تهميشه واستبعاده، وهو لا يشغل أي منصب بل ويشتهر بالفساد في تجارته وسرقة الأراضي، كما جرى إرضاءه بتعيين ابنه تركي مستشاراً في الديوان الملكي بمرتبة وزير.
خالد بن فيصل، أمير مكة المكرمة ومستشار الملك سلمان، تم إرضاءه بتعيين ابنه بندر مستشاراً في الديوان الملكي بمرتبة وزير، أما الأمير خالد بن سلطان، فقد أقصاه ابن سلمان في العام 2013 في عهد الملك عبدالله من منصب نائب وزير الدفاع، مستخدماً توقيع والده الذي كان وزيراً للدفاع آنذاك، طالباً من الملك عبدالله إعفاءه من منصبه.
مرشح آخر لمنصب ولي العهد ورقمٌ صعبٌ في المعادلة سابقاً كان الأمير بندر بن سلطان، لكنّ محمد بن سلمان نجح بتحييده في فبراير العام 2015 بعدما دفع الملك سلمان إلى إعفائه من منصبه كأمين عام لمجلس الأمن الوطني السعودي.
..على هذا المنوال.. لم يترك ابن سلمان صاحباً من أبناء عمومه النافذين يرتضيه خلفاً وولياً لعهده.. فيما لجوءه إلى المهمشين ليس أقل خطورة على مفاصل حكمه، الذي قد يكون عرضة لسياسته الرعناء.. عندما ينقلب المُنقلبون.