تصريحات فرنسية مفاجئة في ما يخص الملف السوري، سبقها اتهام ألماني للولايات المتحدة بزعزعة استقرار الشرق الأوسط على خلفية الأزمة الخليجية، هي مؤشراتٌ تدل على توجهٍ أوروبي جديد ومغاير للتوجه الأميركي.
تقرير عباس الزين
تطوراتُ عديدة ومتسارعة طالت التصريحات الفرنسية، منذ استلام إيمانويل ماكرون لسدة الحكم، يترأس بلدا كانت من أكثر الدولة الأوروبية تقدماً في معاداة سوريا ومتزعمةً للتيار المطالب بإسقاط الرئيس بشار الأسد، أطلق تصريحاتٍ مغايرة تمامًا، معتبرًا أن الأولوية هي لمحاربة الإرهاب وليست رحيل الأسد.
تطرح تصريحات ماكرون تساؤلاتٍ حول كونها فردية أو أنها تمثل توجاً جديداً لدول الاتحاد الأوروبي، لا سيما وأنها تأتي بالتزامن مع توترٍ في العلاقات بين ألمانيا والولايات المتحدة، كشفته الأزمة الخليجية الأخيرة، مع اتهام وزير الخارجية الألماني، سيغمار غابرييل، واشنطن بتأجيج النزاعات في الشرق الأوسط وبالمجازفة بسباق جديد على التسلح بعد مقاطعة الدوحة من قبل الرياض وأبو ظبي.
يشير توقيت الموقف الفرنسي من سوريا إلى جانب الموقف الألماني من أميركا إلى خلافاتٍ أوروبية خليجية بدأت تطفو على السطح. ذهبت باريس بعيدًا في الموقف عبر خطواتٍ عملية عسكرية هدفت من خلالها توجيه رسائل إلى الرياض وخلفها واشنطن، بما يخص موازين القوى وعدم التبعية، فأعلنت وزارة الدفاع القطرية أن البحرية القطرية أجرت تدريبات عسكرية مشتركة مع فرنسا في المياه الإقليمية شمال قطر.
ويرى مراقبون أن حضور ملفي الخليج وسوريا في الخلاف الأميركي الأوروبي يأتي من جهة عدم تشجّع برلين لفرض مزيد من العقوبات على طهران على خلاف الإدارة الأميركية الجدية التي تسعى الى افشال الإتفاق بتحريضٍ خليجي.
ألمانيا وفرنسا متحمستان لاستمرارية العمل بالاتفاق النووي الإيراني، انطلاقًا من رغبتهما على تدعيم الإمدادات التجارية والإقتصادية في الشرق الأوسط، لا سيما وأن مجلس التعاون الخليجي كان قد أعلن في مايو/ايار 2017 أن مفاوضات التجارة الحرة مع الإتحاد الاوروبي لن تستأنف إلا إذا كانت الظروف التفاوضية مناسبة لأي تقدم.
كانت الصفقات الضخمة التي تمتْ بين دول الخليج وإدارة ترامب حسماً من المنافع والمصالح الأوروبية في الشرق الأوسط مع توجه معظم الإستثمارات الخليجية إلى أميركا الأمر الذي أنتج توتراً سياسياً بخلفياتٍ اقتصادية في العلاقات بين أوروبا من جهة والرياض وأبوظبي من جهةٍ أخرى.
تعمل السعودية ضمن سياسية هدفها إضعاف الاتحاد الأوروبي الأمر الذي يفسر دعم الرياض لخروج لندن من الاتحاد. وكانت صحف بريطانية قد نشرت تقارير تحدثت فيها عن حصول حزبٍ حليفٍ لرئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على أموال من مصادر سعودية اُستُخدمت في تمويل إعلانات ترويجية لحملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.