بعد عملية “درع الفرات”، توشك أنقرة على إطلاق “سيف الفرات” قارعةً طبول الحرب الكردية – التركية في الشمال السوري.
تقرير بتول عبدون
هدوء ما قبل العاصفة، عبارة تلخص المشهد العام في الشمال السوري، ما يفتح الباب أمام احتمالات عدة بدءً من التدخل التركي العسكري المباشر بوجه الأكراد، وصولاً إلى خروج أنقرة من حلف “الناتو”، تعبيراً عن غضبها من الدعم الأميركي لأكراد سوريا.
هي مواجهة جديدة ربما ستعقّد المشهد الميداني أكثر شمال البلاد، في ظل تقدم القوات الحكومية السورية وحلفائها ضد التنطيمات الإرهابية. وقد أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان استعداد بلاده لإجراء عملية عسكرية جديدة شمال سوريا لمنع قيام دولة كردية هناك.
وذكرت صحيفة “قرار” التركية أن الجيش التركي أمر وحداته العسكرية وفصائل ما يسمى بـ”الجيش السوري الحر” في المنطقة، بالتأهب لعملية عسكرية وشيكة، من المنتظر أن تسمى بـ”سيف الفرات”.
أما “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) المدعومة أميركياً، فأعلنت على لسان مستشارها ناصر حاج منصور أنّها اتخذت قراراً بمواجهة الجيش التركي إذا “حاول تجاوز الخطوط المعروفة” في منطقة عفرين.
يرى مراقبون أن المواجهة هي مسألة وقت لا أكثر، خاصّة أن واشنطن تبدو غير قادرة على كبح الجماح التركي وترويض الأكراد بما يُرضي أردوغان. فالإصرار الأميركي على تسليح الأكراد وبأسلحة نوعية، يُغضب أنقرة، إضافةً إلى إعلان “قوات سوريا الديمقراطية” عن مشاريع انفصالية، ما يُثير حفيظة أنقرة التي تعتبرها امتداداً لـ”حزب العمال الكردستاني” المتمرد في تركيا منذ 3 عقود.
وبحسب متابعين، يريد الجانب التركي كسر الخطوط الحمراء التي تجنّبها سابقاً، بتطهير منطقة عفرين من وجود “حزب العمال الكردستاني” و”وحدات حماية الشعب” الكردية، ما يعني أن المواجهة ستكون في معقل الأكراد الرئيس شمال حلب، الأمر الذي ينذر بمواجهة شرسة وطويلة الأمد.
وأكدت مصادر متابعة للمشهد في الشمال السوري أن الأكراد يعلمون صعوبة المواجهة مع الجيش التركي، لذلك حاولت القوّات الكرديّة التقارب بشكل كبير مع واشنطن من الناحيتين السياسيّة والعسكرية، كما وضعت مطاراً عسكرياً قرب مدينة الطبقة تحت تصرّف واشنطن، الأمر الذي من شأنه أن يكبّل أي هجوم تركي.
يُعزّز فرضيّة المواجهة القريبة هي الأنباء التي تواردت حول انسحاب رتل عسكري من القوات الروسية من معسكر قرية كفر جنة شرق مدينة عفرين التي تسيطر عليها الوحدات الكردية، بالتزامن مع رصد ناشطين تحرك تعزيزات عسكرية تركية مدرعات ودبابات من ولاية هاتاي التركية إلى الحدود السورية.
في ظل هذه الاحتمالات، يبقى الأكيد، بحسب مراقبين، أن واشنطن لن تتدخل لصالح أكراد سوريا ضد أنقرة، كما أن المعركة إذا ما حصلت ستحمل تبعات إقليمية هامّة، وستكون أولا وأخيراً في صالح تنظيم “داعش” الإرهابي.