تُخيم حالة من الضبابية وعدم اليقين على تل أبيب بعد انقلاب محمد بن سلمان وتسلمه ولاية العهد، على الرغم من مثاليّة الشاب الصاعد في التطبيع مع الاحتلال، ما يثير الشكوك حول قدرته على الحفاظ على استقرار مملكة النفط.
تقرير بتول عبدون
لا يبدو “مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي”، المتخصص في مجالات شؤون أمن الاحتلال والتوازن العسكري في الشرق الأوسط، متفائلاً بوصول محمد بن سلمان إلى حافّة العرش، على الرّغم من مثاليّة الشاب الصاعد بالنسبة للاحتلال بشأن مسار تطبيع العلاقات، إذ توقع المركز أن تتجه السعودية تحت حكم ابن سلمان إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، حتى قبل أن يتم الشروع في خطوات عملية لحل الصراع مع الشعب الفلسطيني، لكن ثمة حسابات أخرى، تبدو أكثر حساسية لإسرائيل وأهم من التطبيع.
اعتبر المركز، في ورقة أعدها مسؤول قسم الخليج يوئيل جوزينسكي، أن تعيين محمد بن سلمان ولياً للعهد واحتكاره عملياً السلطات الفعلية في المملكة، يكرّس حالة من انعدام اليقين والضبابية بشأن سياسات المملكة المستقبلية.
على الرغم من صغر عمر ولي العهد الجديد الذي يضمن له البقاء فترة طويلة على رأس الحكم في السعودية، إلا أن مركز الأبحاث الإسرائيلي شكك في قدرته على إدارة حكم البلاد في ظل بروز عدد غير قليل من الخصوم له داخل الأسرة المالكة.
توقفت الورقة البحثية عند التحذيرات التي أطلقتها أجهزة الاستخبارات الغربية من تأثير الخطوات والسياسات التي يتبناها محمد بن سلمان على استقرار المنطقة، ورأت أن أكبر مظاهر فشل السياسة الخارجية التي أملاها ابن سلمان تمثلت في تدخله العسكري في اليمن.
وبحسب المركز الإسرائيلي، فإن ما زاد الأمور تعقيداً أيضاً بالنسبة للسعودية، أن الأزمة مع قطر قلّصت من مساحة التحالفات التي كانت تحظى بها الرياض، ولم يستبعد فشل حملة الحصار على الدوحة التي كان على رأسها محمد بن سلمان.
ولفت مسؤول قسم الخليج يوئيل جوزينسكي النظر إلى حالة الخيبة التي تسود أوساط السعوديين من التطبيق المتعثر لـ”رؤية 2030″، مشيراً إلى أن الجمهور السعودي “ضاق ذرعاً بارتفاع الأسعار ومواجهة تبعات تقليص الدعم للسلع الأساس”.
يُهدد التململ في الشارع العقد الاجتماعي الذي يربط العائلة المالكة والجمهور السعودي، والذي يقوم على التزام نظام الحكم الذي تديره العائلة بتمكين الشعب من التمتع بعوائد النفط مقابل ضمان تأييد الجمهور لهذا النظام.
يوضح جوزينسكي هنا، أن “ما فاقم الشعور بانعدام الثقة تجاه ولي العهد الجديد حقيقة أنه في الوقت الذي يطالب فيه السعوديين بشد الأحزمة وتقبل إجراءات التقشف لم يتردد في شراء يخت بنصف مليار دولار”.
وعلى الرغم من ذلك، يرى المركز الإسرائيلي أن المعارضة يمكن أن تنبثق من داخل الأسرة المالكة نفسها أولئك الذين ليسوا راضين عن صعوده، ومؤهلاته، وأسلوبه الإداري. وأشارت الورقة، إلى أن عدداً من الأمراء طالبوا خلال العام 2015 بالتغيير، في خطوة فسرت على أنها “عدم ثقة” بالملك ونجله.
ولم يستبعد المركز الاسرائيلي أن تقف المؤسسة الدينية ضد ولي العهد الجديد في حال طبق أجندة اجتماعية تتناقض مع التوجهات المتحفظة لهذه المؤسسة. وأشارت الورقة إلى أن الانتقال “السلس” للسلطة الذي تحرص عليه السعودية انتهى، خصوصاً مع الإطاحة بابن نايف وعائلته المقربة ووضعهم تحت الإقامة الجبرية في القصر.