كنتيجةٍ لارتفاع أعداد المبلغين السعوديين وزيادة نشاط المدارس التي تروج للفكر الوهابي، تفاقمت في الأونة الأخيرة ظاهرة التطرف في قرغيزستان، إحدى دول آسيا الصغرى.
تقرير عباس الزين
أصبحت تصدير الأفكار الإرهابية التجارة الأكثر ربحاً للنظام السعودي، الذي يعيش على الدماء والفوضى. وإلى جانب دعمه المادي للإرهاب، فإن الوهابية بمدارسها ونشاطاتها تعتبر الأرضية التي يعتمد عليها لفرض وجوده الإقليمي والدولي.
وفي ظل محاولات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان تضييق الخناق على الجناح الديني في المملكة لحماية عرشه على حساب الوهابيين، تتزايد حركة الخلايا الوهابية في الخارج. وفي توقيت خاطئ، سمحت قرغيزستان منذ تولى الملك سلمان الحكم في المملكة، قبل نحو سنتين، عبر قانون أصدره البرلمان، لمواطني دول مجلس التعاون بدخول البلاد من دون الحاجة إلى تأشيرة، وذلك بهدف استقطاب أصحاب رؤوس الأموال في هذه الدول.
شكّل هذا القانون باباً دخلت من خلاله الوهابية بأفكارها الإرهابية إلى بلدٍ يقع ضمن منطقة حسّاسة، تمتد من الصين إلى الشرق الأوسط مروراً بالقوقاز وصولاً إلى روسيا. لم يحقق القرار أهدافه من الناحية الاقتصادية، بل كان ارتداده سلبياً وبشكلٍ واسع، مساهماً فقط في فسح المجال للكثير من العناصر الإرهابية والمتطرفة بدخول قرغيزستان تحت عباءة الاستثمار، خصوصاً الوافدة من السعودية، وبينهم العديد من المروّجين للوهابية.
قامت السعودية ببناء مدارس لترويج الفكر الوهابي والسلفي في قرغيزستان. وبحسب المصادر، فإن المدرسة التي بنيت لهذا الغرض في منطقة جلال آباد جنوب البلاد، تزامن تشيدها مع بناء مسجد إلى جوارها بتمويل سعودي. ومن المقرر أن تبنى 16 مدرسة أخرى بكلفة 30 مليون دولار لاستيعاب ما بين 150 إلى 550 طالب وطالبة في مختلف أنحاء قرغيزستان لنفس الغرض.
ولفت متابعون إلى أن الرياض تسعى من خلال تلك المدارس، تجنيد عناصر إرهابية وإرسالها إلى دول أخرى في المنطقة، وتحديداً سوريا. وألقت لجنة الأمن القومي في قرغيزستان القبض مراتٍ عدة على مجموعات إرهابية كانت تقاتل إلى جانب المجموعات المسلحة في سوريا قبل أن تعود إلى قرغيزستان لتنفيذ أعمال إرهابية هناك أو في الدول المجاورة.
وكانت السلطات في قرغيزستان قد أعلنت أن إرهابيين مرتبطين بتنظيم “جبهة النصرة” يقفون وراء تدبير الهجوم الإرهابي على السفارة الصينية العام الماضي. كما أن رئيس جهاز الاستخبارات القرغيزي، راحات سليمانوف، أعلن في وقتٍ سابق، أن المتهم بتفجير مترو بطرسبورغ بروسيا في مايو/أيار 2017 هو قرغيزي يحمل الجنسة الروسية.
وتشير الإحصاءات إلى أن هناك أكثر من ألفي شخص قرغيزي على صلة بالجماعات المتطرفة في الوقت الحاضر. ووفقاً للإحصاءات الرسمية، سجّلت 1600 جريمة جنائية في قرغيزستان بين عامي 2010 و2017 بسبب انتشار التطرف والأفكار الوهابية في هذا البلد.