قواعد إشتباك سياسية واقتصادية يحاول وزير الخارجية الأميركي ريكس تيرلسون ضبطها، في مشهدٍ يوضح التلاعب الأميركي بدولٍ تدعي أن أزمتها داخل البيت الواحد.
تقرير عباس الزين
مع وصول وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، إلى منطقة الخليج، عارضاً نفسه كوسيطٍ لحل الأزمة الراهنة، فإن الهوامش الواسعة التي أعطتها واشنطن سابقاً للعواصم الأربعة المقاطعة لقطر بدأت تضييق، والحيادية التي أظهرتها الى العلن فيما كانت تؤجج الخلاف، انتهى وقتها.
بدأت تتضح معالم التدخل المباشر لواشنطن على خط الأزمة، بعد شهرٍ من اندلاعها، من المشاركة في مراسم دفن الوساطة الكويتية. عزا مراقبون تأخر واشنطن في الحضور كضيف، بعد أن كانت مركزاً لوشاية دول الخليج على بعضها، إلى ضوءٍ أخضر كانت واشنطن أعطته للتحالف الرباعي لـ"تأديب" قطر، وإجبارها على التراجع والقبول بالشروط. وفي ظلِّ فشل دول المقاطعة بانتهاز الفرصة الأميركية، جاء تليرسون ليدير سفن الأزمة بنفسه، بما يتناسب مع الرياح الأميركية.
تحمل زيارة تليرسون إلى المنطقة في جعبتها تصعيداً أكبر على خلافِ ما أعلن عنها، لا سيما وأنها تزامنت مع موقفين متشددين لطرفي الأزمة. دعا وزير الخارجية القطري، محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، السعودية والإمارات إلى عدم إعطاء بلاده دروساً في الإرهاب، لأن لديهم مواطنين متهمين في الإرهاب وتمويله.
أما وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية، أنور قرقاش، فقطع الطرق على أي وساطة عربية كانت أو غربية، مستبعدًا نجاح أي جهد دبلوماسي أو وساطة "من دون عقلانية ونضج وواقعية من الدوحة"، بحسب تعبيره.
ويدخل استقبال دول الأزمة لموفد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتلك التصريحات الإستفزازية ضمن إطار اللعب على أوتار الأزمات الذي تجيده الإدارة الأميركية، فكيف اذا كانت الأزمة بين رعاياه الإقليميين. وكان ترامب قد دعا قطر مع بداية الأزمة إلى وقف تمويل الإرهاب ودعمه، فيما وزير خارجيته يصل الدوحة قائلاً إن مواقف الأخيرة من الأزمة الخليجية "واضحة ومنطقية". هما تصريحان يبدوان أنهما خرجا من طرفي أزمة وليس من إدارة واحدة للنزاع.
وفقًا للمعطيات التي ترافق زيارة تليرسون، فإن الأزمة الخليجية متجهة على أقل التقدير إلى الركود بما هي عليه، وستستمر كقطيعة اقتصادية وسياسية إلى جانب العقوبات، لكنّ تصريح وزير الخارجية القطري بالتزامن مع الزيارة الأميركية بأن أي تصعيد عسكري سعودي سيكلف المنطقة عواقب باهظة للغاية، جميعها خطوات قطرية تعتبر استباقًا لنتائج زيارة تليرسون الفاشلة أو المقصود إفشالها.