بين المطرقة السعودية والسندان الأميركي، أوجد السودان نفسه بعد قرار الحياد في الأزمة الخليجية. أرجأت واشنطن رفع العقوبات عن الخرطوم برسائل سعودية فحواها، أن لا منطقة وسطى بين الرياض والدوحة.
تقرير عباس الزين
العقوبات الأميركية على السودان، بين الإلغاء والتمديد، حلقةٌ واسعة تستغلها السعودية لفرض أجندتها على البلد الأفريقي.
بعد قرار السودان قطع علاقاته مع إيران، ودخول قواته ضمن “التحالف السعودي” في عدوانه على اليمن، رفع الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما العقوبات على الخرطوم لـ6 أشهر كخُطوة لإلغائها نهائياً. تم ذلك، بوساطة سعودية حينها، في سياق الرد السعودي على الخطوات السودانية.
مع بداية الأزمة الخليجية ومقاطعة الدول الأربعة لقطر، أعلن الرئيس السوداني عمر البشير حيادِه، متطوعاً لدور وساطة. منعت علاقات البشير الجيدة مع قطر وحليفها التركي، ومساندته لـ”الإخوان المسليمن” عبر احتضانه بعض قيادتها، من اتخاذ موقفٍ ضد الدوحة.
لم يرق طريق الحياد الذي اتبعه البشير للرياض. كانت انتهاء مهلة الأشهر الستة التي حددها أوباما لإلغاء العقوبات في حينها، فرصة سعودية سانحة من أجل توجيه رسالة إلى السودان أنه “من ليس معنا فهو ضدنا”.
مدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لـ3 أشهر إضافية الفترة الاختبارية التي قررها سلفه أوباما، قبل احتمال رفع العقوبات الاقتصادية التي تفرضها واشنطن على الخرطوم منذ عقدين من الزمن، أيضاً بوساطة سعودية.
وفقًا لمراقبين، فإن إدارة ترامب لم تُرجئ قرارها برفع العقوبات الاقتصادية عن السودان بسبب سجلّه السيء في مجال حُقوق الإنسان، فحلفاء واشنطن الخليجيين لديهم باع طويل في انتهاك حقوق الإنسان. إرجاء رفع العقوبات جاء عِقاباً سَعُودياً على موقف الخرطوم المُساند لقطر، تحت عنوان الحِياد. وإلى جانب الدور السعودي في إرجاء واشنطن رفع العقوبات، يرى متابعون أن التأجيل تداخلت فيه عوامل اقتصادية من خلال شركات أميركية تضغط للاستثمار في السودان.
رسائل عدة وجهتها الرياض إلى الخرطوم مؤخراً في سياق إرغامها على تعديل موقفها من الأزمة. منذ إقالة البشير لمدير مكتبه الفريق طه عثمان الحسين، في حزيران الماضي، والقرار السعودي بمنح الحسين الجنسية السعودية وتعيينه مُستشاراً لولي العهد محمد بن سلمان، للشؤون الأفريقية. وكان الفريق الحسين خلف قرار السودان إرسال 3 آلاف جندي إلى القتال في اليمن ضمن قوات العدوان، واعتبرت السعودية آن ذاك أن إقالته من قبل البشير في أوج الأزمة الخليجية محاولة سودانية للخروج من “التحالف” والتقرب أكثر من قطر، المطرودة منه، فكان قرار تعينه مستشاراً الرد الاستباقي على أي خطوة سودانية مزعجة للسعودية.