يأتي وزير الخارجية الفرنسي إلى المنطقة خالياً من أي مقترحات جدية، مجرد كلامٍ في العموميات البعيدة عن أسباب الأزمة الحقيقة ودعمٍ لمبادرة كويتية، سبق وأن شارك نظيره الأميركي في مراسم دفنها.
تقرير عباس الزين
بعد الدوحة، وصل وزير الخارجية الفرنسية، جان إيف لودريان، إلى جدّة لأخذ النتيجة، في محاولةٍ لا تختلف من حيث الطروحات والمبادرات عن تلك البريطانية أو الأميركية لحل الأزمة الخليجية.
وفقاً لباريس، فإنّ مهمة لودريان تهدف إلى الدعوة لـ”تهدئة سريعة” في الأزمة الديبلوماسية غير المسبوقة في الخليج. أعاد لودريان ما قاله نظيره الأميركي، قافزًا فوق الأسباب الرئيسية للأزمة.
وبحسب موقف الدول الأربعة، فإن قطر تدعم الإرهاب، إلا أن لودريان الذي انطلق في مساعي الحل من “الوساطة الكويتية”، لم يغفل عن التشديد على رغبة بلاده تعزيز التعاون مع قطر في مجال مكافحة الإرهاب، رافضاً ما وصفها بـ”الإجراءات العقابية”، على غرار نظيره ريك تيلرسون الذي وقع مذكرة مع الدوحة لمكافحة تمويل الإرهاب.
بدت لهجة الوزير الفرنسي مختلفة عن تيليرسون في هذا الخصوص لدى لقائه نظيره عادل الجبير ووليّ العهد محمد بن سلمان، إذ طالب بالتزام قوي و”جماعي” ضد الإرهاب. لم يخلُ كلام لودريان من رسالة إلى السعودية التي وصلها، الأحد 16 يوليو/تموز 2017، بأن قطر ليست الوحيدة المسؤولة عن دعم الارهاب، في ظل تباينٍ بين باريس والرياض حول ملفاتٍ عدة، لا سيما السورية منها، وهو ما ظهر إلى السطح منذ بدأ الإرهاب ضرب فرنسا.
لم يتأخر الرد السعودي على رسالة لودريان من نظيره الجبير، الذي كرر دعوته لقطر بـ”عدم دعم الإرهاب وتمويله”، كاشفاً أن بلاده ستقدم للحكومة الفرنسية “ملفاً كاملاً عن دعم قطر للإرهاب”، في محاولة لتوجيه أصابع الاتهام إلى قطر، تماماً كما فعل حكام الرياض وأبوظبي لترامب أثناء ترؤسه قمم الرياض، حينما أشاروا بأصبعهم إلى أمير قطر لدى حديثه عن دعم الإرهاب.
لم تخرج جولة الوزير الفرنسي عن سطح العموميات: التعاون في محاربة الإرهاب، وضرورة بقاء مجلس التعاون الخليجي، من دون الدخول في عمق الأزمة، ما جعل وساطته خالية من أي محتوى.
كان لا بد من مساهمةٍ فرنسية ولو شكلية تحفظ الوجود السياسي الفرنسي، بعد فشل المساعي البريطانية والأميركية. واعتبر مراقبون أن الزيارة تهدف إلى تنشيط السياسة الخارجية في عهد إيمانويل ماكرون لا أكثر، معتبرين أن المشكلة أكبر بكثير من قدرة فرنسا على حلها.